الموبقات التسع (5)
أهدار ثروات البلاد وتعطيل التنمية
بقلم / عمر جابر عمر
بعد الاستقلال كانت التنمية هى التحدي الاكبر الذى يواجه الدولة الوليدة – ذلك ان التنمية هى الضمان الاكبر لتحقيق الاستقرار والامن وليس القوة العسكرية والامنية .
كانت ارتريا تتمتع بميزات تجعلها تنطلق نحو افاق رحبة لو انها استثمرت أرضيها وثرواتها واستخدمت طاقاتها البشرية ووظفت علاقاتها الجغرافية والتاريخية بصورة صحيحة . يساعدها على ذلك الخبرات المتراكمة من مرحلة الثورة وطبيعة الانسان الارترى وحبه للعمل وغياب التوجه الاستهلاكى البذخى واخيرا قلة عدد السكان بالمقارنة للامكانيات المتوفرة .
ماذا حدث ؟
بعد خمسة عشر عاما من الاستقلال ماذا نجد فى مختلف مجالات التنمية – وسنأخذ من احصائيات الدولة نفسها حتى لانتهم بالتجنى :
اولا : اقتصاد البلاد يعتمد على الثروة السمكية والزراعة والصناعة والسياحة وتحويلات وتبرعات الجاليات الارترية …. ماهى النتيجة ؟
* فى تقرير للآمم المتحدة لعام 2006 احتلت ارتريا المرتبة 164 من 179 دولة فى سلم الفقر .
* منذو الاستقلال تنتج 25% من غذائها – و75% من الارتريين يعانون من سؤ التغذية ( المعهد الدولى للسياسات الغذائية )
* صادراتها هبطت من ثلاثين مليونا دولار عام 1997 الى سبعة ملايين عام 2007
* المساحة الصالحة للزراعة 3.1 مليون هكتار وما يزرع منها حاليا نصف مليون فقط .
* الصناعات الخفيفة تدهورت او توقف بعضها . أما الثروة السمكية فقد أصبحت مصدر صراع وقتال مع الصيادين من دول الجوار ( اليمن – مصر ) فى غياب التعاون والتنسيق والاستثمار المشترك .
الجاليات فى الخارج توقفت عن الدعم بعد ان وجدت عدم مصداقية وعدم وفاء بالوعود من جانب الحكومة حيث ان الحكومة باعت لهم مشاريع وهمية ( البوند – شراء الارض ) دون وجود ضمانات حقيقية
* الفساد المالى …. الانحرافات المالية كلفت خزينة الدولة ملايين الدولارات .. من شركة البحر الاحمر وموظفى الجمارك وحتى الامن ظهرت (( مافيا )) منظمة ابتلعت كل ماوقع فى يدها وانتشرت الظاهرة فى كل مرافق الدولة
* استنزاف الطاقات البشرية والموارد المالية للبلاد فى حروب عبثية عادت بالبلاد الى مرحلة ما قبل التحرير ماديا واقتصاديا واجتماعيا . خسرنا فى تلك الحروب نصف ماخسرناه فى حرب التحرير بكاملها بالاضافة الى مئات المعوقين والجرح النفسى الذى أصابة الآمة كلها . النفقات العسكرية التى صرفت على تلك الحروب العبثية أكبر مما تطيقة موازنة الدولة – والمدهش ان ارتريا تحتفظ بثانى أكبر جيش فى العام بعد اسرائيل بالنسب لعدد السكان .
* دخل السياحة .. توقف تقريبا بسبب سمعة الدولة وعلاقاتها مع العالم
* الاستثمار الخارجى والوطنى توقف تماما وأصبح السوق ( انتاجا وتوزيعا ) محتكر من قبل الدولة .
ثالثا : خدمات الصحة والمياه – تقرير ( اليونسيف ) لعام 2005 يقول : 3.6% فقط من سكان القرى يمكنهم الحصول على خدمات صحية كافية وان 40% من سكان المدن ايضا لايحصلون على خدمات صحية كافية .
اما الذين يحصلون على مياه نقية فهم الثلث فقط اما الاصابات بمرض الايدز بلغت 2.7% .
انعدم الدواء وأغلقت المراكز الصحية التى كانت تقدم خدمات متقدمة .
ثالثا : اما عن التعليم … فقد تم (تجييش ) الطلاب وارسالهم الى ساوا لاكمال دراستهم هناك !
* 51% من الطلاب مابين ( 11 – 7 ) سنه لايجدون فرصة تعليم . وفى المرحلة الثانوية تبلغ النسبة 15% اما فى الجامعة فالنسبة هى 20% من الناجحين .
واذا أضفنا الى العوامل السابقة العوامل الطبيعية ( الجفاف ) والسياسية ( عزلة النظام الخارجية ) فانه لايمكن ان نتوقع النجاح لآى برنامج تنموية والنتيجة ان ارتريا احتلت المرتبة 102 فى الفساد وثلثا السكان يعتمدون على الاغاثة والدعم الخارجى . ولكن مع اقدام الحكومة على منع نشاطات المنظمات التطوعية خاصة منظمات الاغاثة الاسلامية . فان الآوضاع ستزداد تدهورا يوما بعد يوم .
ولابد ان نذكر الترابط بين التنمية والوضع السياسى . ففى غياب الديمقراطية وانعدام شفافية الحكم وضعف الارادة وضياع حقوق الانسان الآساسية لايمكن ان تكون هناك تنمية متوازنة ومثمرة .
بدأت الحكومة الآرترية فى السنوات الآخيرة برنامجا للاستثمار فى التعدين . وقامت شركة كندية بالتنقيب عن الذهب فى منطقة ( بيشا ) وبالفعل وجدت كميات تجارية مقدرة . وكان أول ما فعلته الحكومة ان أمرت سكان المنطقة بالرحيل ومغادرة المنطقة بهدف توطين مجموعات جديدة من الموالين من أبناء المرتفعات ( موقع – اومال – سبتمبر 2009 ) واذا صح الخبر فان ذلك يعنى ان الجبهة الشعبية لا تتعلم من تجاربها وتكرر الآخطاء وخاصة فى التعامل مع العنصر البشرى والاستقرار الاجتماعى والسياسى .
كان الله فى عون الشعب الارتري
الى الحلقة السادسة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=73
أحدث النعليقات