مـاذا يطبـخ في المطابـخ الخلـفية ..!!

في زمـن الـركض نحـو الشـواطئ التى تفصلنـا عـن حاجاتنـا، وتحـول دون تحـقيق رغباتنـا، وتمنعنـا عـن تأكيـد ذاتنـا والتمتـع بموروثاتنـا التاريخـية، نعلـم أن لا يوجـد وقـت ليهـدر، ولا امكنـة خـاليـة لتسـكن، ولا توجـد سـاحـات معـدة للـراحـات والاسـتـرخـاء كمـا لا يوجـد دليـل يـرشـد او معـين يمـد يـد العـون ـ ايضـا نعلـم أن معظم الشـواطئ يحتلهـا ويتحكـم فيهـا السـادة الجـدد الـذيـن يوزعـون الأدوار على مـن ينفـذ تعليماتهـم بـدقة متناهـية، ورغـم هـذا العلـم اليقـين نكابـر .. ونكابـر ونسـخـر مـن الأول والآخـر، ونقـلل مـن كـم وكيـف ذكاءهـم ومـن الجهـد المبـذول لارضـاء رغبـات السـيـد أو لاشـبـاع غـرور منفـذ تعليماته وامـلاءاته، يتـم تنفيـذ اغلـب هـذه السـيناريـوهـات في عتـمة الظـلام ولـكن غالبـا تتـم نهـايـاته في وضـح النهـار وتحـت الأضـواء الكاشـفة وسـمـع وبصـر اجهـزة الاعـلام المحلـية والعالمـية، يحـدث هـذا وذاك ومـا هـو أبعـد منه ونحـن منهمكـون في ممـارسـة لعـبة التشـكيك التى نبـدأهـا بالتقليـل مـن شـأن الآخـر أو بتضخيـم قوته وانتشـار سـلطانه الممتـد الى داخـل بيوتنـا، وقطعـا نختـم ذلك بالتشـكيـك على قـدراتنـا، وفي النهـاية نحـن نخسـر وهـم يكسـبون، وفي الوقـت الضـيق وللهـروب مـن التعامـل مـع الحـدث قـد نمـارس قـراءة محفوظاتنـا مـن فـن الخـلاف والاختـلاف الجهـوي والحـزبي مجـازا !! والجغـرافي أو القبـلي اسـمـا وفعـلا ، حتى نفـوذ القبيـلة نوجهه ضـد انفسـنـا ونمارسـه فيمـا يضـرنـا وفي مـا لا يصـب في اتجـاه مصالحنـا، نمـارس تـلك المحفوظـات التاريخـية التى كانـت ومـازالـت السـبب المباشـر في ضيـاع حقـوق الشـراكة الوطـنية والوحـدة المأمـونة وهـو السـبب الاسـاسى الـذى اوجـد الاهمـال الفـزيـع الـذى حـدث في شـأن موروثـاتنـا الأهـم ( العقيـدة، ملكـية الأرض، الشـرف، الثقـافة، الثـروة والسـلطة … ألخ)، ومـن اخطائنـا الشـائـعة التعامـل الخطـأ حتى مـع عـوامـل الحسـاب الاربـعة، حـيث اننـا نجيـد الطـرح والقسـمة ونعـادى الجمـع والضـرب، ونتـيجة لـذلك يتضـاءل حجـم قـوانـا الكبيـرة وتقـل مسـاحة أرضنـا الواسـعة ـ سـرنـا على هـذا المنـوال طيـلة العقـديـن الأخيـريـن، والآخـر كان ومـازال يخابـر ويحـاور وينـاور، واذا لـزم الأمـر يغامـرـ فيكسـب الـرهـان الاكبـر، وفي غفلـة مـن احسـاس البشـر وتأثيـر عـوامـل الـزمـن وبـاقى المعاييـر والمقاييـس يجمـع الآخـر مابـين السـلطة والثـروة، ومـن ثـم يصـادر الأرض ويضـاعف خـراج الضـرائـب وينهـب السـاكن والعابـر ويقطـع الطـريـق على كل مـن يحمـل قليـل مـن المـال او يتقـدم بـدراسـة جـدوى يـريـد اٍجـازتهـا، او يشـار له بالاحتـرام والاسـتقامة وعلـو الشـأن والبنـان، وفي ميـدان آخـر يتمـكن مـن نشـر لغـته على حسـاب لغـة القـوم مـن خـلال اسـتغـلال الحـركة اليـومية ، ونحـن هاهنـا قاعـدون، مختلفـون في مـالا يختـلف عليه غيـرنـا مـن السـابقـين والـلاحقـين والأوائـل والآواخـر، متكاسـلـون نحـن عـن أداء الواجـب في وقته وأوانه او التعامـل معه مثلمـا تصـلى الصـلاة في وقتهـا المختـار، نمـارس الخطـأ في المكـان الخطـأ والوقــت الخطـأ وبالاسـلـوب الخطـأ وبالقـوة الخطـأ، نتـلاوم ونحـن مصـدر اللـوم كلـه وماخـفي اعظـم، نطـرب للمـدح ونـدفـع للمـداح الأثمـان العاليـة مـن ممتلكاتنـا، فنختـار له الحلـوب مـن البقـر، واللبـون/ النبـول مـن النـوق ومـن الأغنـام نقـدم له ماشـاء ومـاطلـب، وقـد نتغـاضى عـن مـا نهـب مـن الأرض السـكنية والـزراعية والـرعـوية وبـاقى الممتلكـات، وربمـا نـسـلمه صــكوك ملكيتهـا دون ان يطلـبهـا .. المـدح داؤنـا الخـبيث ومخـدرنـا سـريـع المفعـول الـذى تسـبب في ضيـاع ممتلكاتنـا وشـراكتنـا وضياعنـا الابـدى، واخيـرا انتشـارنـا العشـوائي في ازقـة وحـوارى وشـوارع قـرى ومـدن اوروبـا واسـتـراليـا ومؤخـرا كنـدا والامـريكتـين .

فقـدنـا الأرض والعـرض والثقـافة والثـروة وفقـدنـا الشـركة ومسـتنـدات الشـراكة وخـرائـط الأرض، كل ذلك حـدث ومـازال يحـدث مقابـل لا شـيئ ونحـن نـردد الجمـلة السـحـرية التى افقـدتنـا الغـالى والـرخيـص ,, كل شـيئ يهـون ـ مـن اجـل الحفـاظ على الوحـدة الوطـنية،، ـ وفعـلا هـان كل شـيئ ولكننـا لـم نتمـكن مـن المحـافظة على الوحـدة الوطـنية، وبفعـل فاعـل آثـم فقـدت كل الأشـياء اللـوانهـا واشـكالهـا واسـمائهـا، حتى الوديـان والتـلال والجبـال وبعـض القـرى وايضـا ,, بمـبت أبـرايـت،، تغيـرت اسـماؤهـا على مـرآى ومسـمـع مـن اصحابهـا النائمـين، السـاكتـين والمتفـرقـين، ولـم يتبـق لنـا شـيئ ممـا يفتـرض ان نحـرص عليه، ولـكن اليـوم او في الغـد القـريب قـد يتعـرض الوطـن للغـزو الخـارجي بمـا فيه تـلك الأرض المصـادرة التى نبكيهـا على صفحـات الـورق ولكننـا لا نحـرك سـاكنـا لاٍنقـاذهـا مـن جـور المسـتعمـر الـداخـلى، ولكننـا قطعـا نحـن على أتـم الاسـتعـداد لاٍنقـاذهـا مـن الغـزاة الأجـانب،، وهـذا ايضـا مـوقف صـعب يتطلـب وقـفة عقـلانية لأن الـدفـاع عـن الأرض واجـب مقـدس وبصـرف النظـر عـن الجهـات التى تسـتهـدفه، ولـكن كيـف يتـأتى الـدفـاع عنه في وجـود الخصـم المـزدوج الـذى يحـاربنـا في الـداخـل والخـارج ويعمـل جاهـدا لابعـادنـا وجلـب مـزيـد مـن الأعـداء لنـا ـ سـواء في شـخصـه اللعـين او بتقطيـع عـلاقاتنـا مـع الاشـقـاء والاصـدقـاء .

حـدثت كل هـذه المصـائـب في حقنـا وعلى ارضنـا خـلال فتـرة الثـلاث اجيـال السـابقة، ومـازالـت عقلـية الاقصـاء تواصـل عـدائهـا السـافـر الـذى اوصلهـا الى مصـادرة الأرض، وذلك بعـد الهيـمنة الكامـلة على الثـروة والسـلطة وانطـاق المواطـن بلسـان آخـر افقـده المحـافظة على لسـانه. فمـاذا عـن اليـوم، ونحـن نعلـم ان آلـة الشـر مـازالـت تعمـل لتقاسـمنـا العـداء متجـاوزة الخـلاف والخصـومة الى مـاهـو اسـوء، وعلى عـينك يـامـن تـدعى الشـراكة والحقـوق ..؟؟.

ومـن المفارقـات العجـيبة والغـريبة التى تحـدث في توصـيف شـراكتنـا غيـر السـوية، ان هنـاك مـن يـزعـم بأننـا شـركاء في كل شـيئ بمـا في ذلك اللغـات، وان العـربية والتغـرينية همـا شـراكة بيننـا، وهـذا قـول خـاطئ لا يسـنـده المنطـق كمـا لا يماثـل الواقـع، واٍلآ لمـاذا هنـاك لغتـان، والحقـيقة هى ان لـكل منـا لغـته الخيـار ولسـانه الخـاص، فالعـربية لنـا والتغـرينية لهـم، ولـكنهـم يـريـدوننـا ان نتـرك خيارنـا لنختـار خيـارهـم رضـاءا أو قسـرا، وهـذا ايضـا خـلاف لـم يـبت فيه حتى اللحـظة على الأقـل مـن طـرفنـا المتسـاهـل الـذى مـازال يبـكى عنـد اطـلال الشـراكة المنهـوبة والأخـاء المـرفـوض.

عليه لابـد ان نتسـائـل ونقـول ـ هـل آن الأوان لكي ننطـق كلـمة ,, لآ ،، بحـرية دون ان نتعـرض للمسـائلة والعقـاب او اللـوم والعتـاب مـن قبـل شـيوخ الأهـل وشـبابهـم … نـريـد ان نقـول ,, لا ،، .. فـقط لآ القاطـعة بملئ الفـم المفتـوح على وسـعه، فـاٍن لـم نتـمكن مـن قـول لآ المتبـوعة بعمـل خـلاق مؤثـر، فلتـكن في الصـدارة كلـمة لآ الشـريفة، لآ العـزيـزة، لآ الأخيـرة، أمـا لآ الخجولـة فنحـن بـراء منهـا ومـن قائلهـا، فـاٍن كان عمـر الـذل ايامـا تحصى، فالعـز يحسـب بأعمـار الأجيـال .

امـام هـذه الأحـداث المتـلاحقة والمصـائـب المتتابعـة والضـعف المسـتمـر والشـتات المتواصـل، يفضـل ان نـقف لحظـات مـع النفـس، فنحـدد مـن نحـن ومـاذا نـريـد،، ومـن ثـم نسـعى مـابـين الأهـل هنـا وهنـاك وفي المنـافى والمـلاجئ والمعتقـلات والسـجـون الكبيـرة والصغيـرة، وبعـد التـرحـم على سـكان مقبـرة ,, دســيت،، فلنبـدأ مـرحـلة التفاكـر والتحـاور ولنحـث الغافـل بخطـورة المـوقف، ولنحصى قـوانـا ونـرسـم سـياسـاتنـا ثـم نتحـرك نحـو اهـدافنـا المحـددة، وليـكن معلومـا لـدينـا جميعـا، ان تحـركنـا اليـوم هـو آخـر الفـرص المتـبقية .. وهـبة اليـوم افضـل مـن عاصـفة الغـد.

ولكننـا اليـوم مواجهـون بعـدد مـن الخصـوم ومعـرضـون الى ضـرورة الاجـابة على السـؤال الصـعب:

أيـن نحـن ممـا يطبـخ في المطابـخ الخلـفية .. !!؟؟.

نعـم نحـن مواجهـون بعـدد مـن الخصـوم، اولهـم هـو الفـرقة والخـلاف اللـذان نعـانى منهمـا داخـل الحـوش الاسـرى الواحـد، بالاضـافة الى اسـتمـراء ثقـافة الاختـلاف، وهى علتنـا الـتى فـرضــت علينـا منـذ بـدء العمـل الـوطنى على ايـدى الـرواد الأوائـل، وثانيهـم هـو نهـج الاحتـلال العـدائى الـداخـلي والاحـلال البشـري الـذى يمـارس ضـدنـا بشـكل يـومي، وتصعيـده المسـتمـر وغيـر المنقطـع الـذى يبتلـع الأرض المـوروثـة والـذى لـم يجـد مـن يتصـدى لـه ولـو بكـلمة رفـض يتـيمة أو بفعـل ايجـابي مقـدر، أمـا الخصـم الأكثـر خطـورة فهـو جهلنـا الكامـل والغـريب بمـا يدور مـن حولنـا وفي شـأننـا ولتحـديـد مسـتقبلنـا، وهـو مايطبـخ اليـوم في المطابـخ الخلـفية التى سـبق ان دعينـا اليهـا ـ للجلـوس في صفوفهـا الأمامـية، وطبعـا رفضنا تـلك الـدعـوة اليـتيمة بمكابـرة واضحـة، رفضناهـا بمكابـرة واضـحة وتطاولنـا على حاملهـا نتـيجة علـم .. جهـل .. كبـريـاء .. ريـاء .. وربمـا نتـيجة لـوطـنية صـارخة تخشى على الأوتـاد والعقـال بالـرغـم مـن تضحيتهـا اللامسـئولة بالنـوق ومـراعيهـا التاريخـية، او ربمـا لسـبب آخـر يتميـز بأهمـيته الكبيـرة التى لا يمـكننـا تجاهلهـا …!!.

عليه نأمـل أن ينتفـض الشـباب ليسـتنهـض ههـمه وهمم المسـئولـين عـن قيـادة الفصائـل السـياسـية التى اصبح بعضهـا يتلـذذ بطعـم الخـلاف والاختـلاف، وبعـضهـا الآخـر يتابـع تنفيـذ سـياسـات غيـر واضـحة المعالـم، وربمـا قـد يوجـد بينهـم مـن لا يعلم اسـم ونـوع الايقـاع الـذى تـرقـص عليه الأقـوام هنـا او هنـاك.!!

مـازالـت النـار تلتهـم كل اجـزاء الجسـم العليـل، وآلـة النظـام مـازالت تضـرب الأواسـط والأطـراف بعصاهـا الغليـظة، والأرض العـزيـزة مـازالـت تسـتغـيث بمـن فقـد السـمع والبصـر وربمـا النظـر، أمـا الشـرف فقـد علمـن صـواحبـاته ان المُقعـد كان خامـلا قبـل ان يفقـد حواسـه الأهـم، ولـكن حـواء الارتـرية مـازالـت موعـودة بمواليـد ,, الضحـى،، مـن اشـباه حامـد عـواتي/ محمـد حامـد شـليشي/ على بنطـاز/ ادريـس على بخـيت/ الفـارس محمـد قعـس/ قـرزمـاش علي شـوم سـليمـان/ الشـيخ عمـر آدم/ خليـفة أباسـبيـر وعبـد الله ابـراهيـم فقـد حـرك، وكل مـن يغضـب لمـا كانـوا يغضبـون، وحتى ذلك الوقـت سـتظـل ,, خضـرة أم الأعـلام ،، مـرفوعة على سـواري الأفئـدة والقلـوب والعقـول، وسـيظـل الثـأر قائمـا والجـرح مفتوحـا وغائـرا ومـدميـا، مـالـم تصـحح الأوضـاع وتعـود المسـروقـات، ويعـود معهـا العـدل والأمـن والسـلام والـرخـاء ومـن ثـم الشـراكة الحـقة والأخـاء الصـادق.

جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم