سياسة التجويع
الدرس الأول
كيف تفرق بين الخبز والكعك؟
وفي صيف سنة 1973 ذهل العالم عندما راء صور وأفلام للألف الإثيوبيين يموتون جوعاُ ممددين على طرقات بهياكلهم الهزيلة في الوقت كان صاحب الجلالة يقدم ولائم وحفلات كبيرة لنبلائه ورجال بلاطه بالقصر. ويطعم اللحوم إلى كلابه على طبق من الفضة .
كما نصح صاحب الجلالة الملاين من الجياع برباطة الجأش. إذ قال أن الموت جوعاً أمر قديم ومألوف في الإمبراطورية, وبدأ يلوم مستشاريه على إهمال شؤون التنمية ويعلن مباشرة إنشاء سدود على نهر النيل. وقال بأن بناء السدود خير وسيلة لمساعدة الجياع. كما قال وزير المالية بأن تدفق المياه على الحقول ينعش المواسم ويزيدها , بعد ذلك
لن يموت أحد من الجوع . ويتساءل المراقبون : كم من الوقت يلزم لبناء السدود ؟ ويأتي رد وزير المالية : لن يموت الناس . لقد جاعوا من قبل صدقوني لن يموتوا. وكان شعار المرحلة يقول:
(الثروة ستتحقق لكل إنسان فور بناء السدود, الشاتمون يواصلون كذبهم ونفث سمومهم ولكن مصيرهم إلى جهنم لأنهم عارضوا السدود.)
حديث الأمس واليوم يوضح مازالت الشعوب مغشوشة تحارب بلقمة عيشها لأن حكامها جعلوها تفكر في بطونها الخاوية.كمن يقول” جوع كلبك يتبعك “
سألت الملكة ماري انطوايت, حينما كانت تنظر من شرفة قصرها إلى جموع الشعب الفرنسي المتظاهر في أزمة الخبر. فقالت ما لخطب؟ فقالوا لها خبزا فأجابت الملكة: إذا لم يعجبهم الخبز فبإمكانهم أن يأكلوا كعكاً.
هل أن الملكة كانت تعتقد بأن الخبز والكعك متوفران؟ أم أنها كانت تستخف بالشعب أساساً؟ لندع الإجابة كما هو سائداً الآن ولنقل. ألله أعلم.
أنا حكامنا في المنطقة لا يدركون بأننا لا نملك حتى الطحين والحبوب و مع ذلك يتهموننا لأننا لا نفرق بين الخبز والكعك رغم إننا نكدح من أجل لقمة العيش. فلا تحققت لنا الحرية ولا ضمنا قوت يومنا.
بعد أزمة العطش اليوم الشعب الإرتري يدخل أزمة الخبز, لا يوجد خبز في البلاد والحلول الدولة يكمن في الخدعة القديمة الجديدة التي استخدمها الإمبراطور في مجاعة عام 1974 في بناء السدود وانتظار نتائجها, ويخطب فينا إسياس بتصوراته العشوائية ليقول الخبز نفسه ينتظر تجربة قمح فاخر سوف يزرع في الجنوب الإرتري للحصول على دقيق( فينو). والله عجب! معادلة الخبز قبل الحرية انتهت وفقدنا الحرية والخبز اليوم, بل دخلنا ثقافات قديمة كانت الشعوب تنظر إلى الحاكم الذي يوفر لها لقمة العيش بإله الذي يتحكم بمصدر أرزاق الرعية ربما يعود السبب في ذلك إلى نمط علاقات الإنتاج والعيش والعبودية السائدة وقتها.
خبزنا الإرتري والذي يسمى بلغات كل القوميات(باني) مره عليه كل المستعمرين ولم يتغير حجمه ووزنه وشكله ومازال يعجن في الأفران البلدي بأيدي والأقدام قبل إن ينتفخ ويدفع إلى فرن, اليوم توزع الدقيق على المخابز بواقع جوالين لمدينة يسكنها 30 ألف نسمة وفي بعد أفران تحصل على أكثر من أربعة جوالاً بالواسطة.
عموماً تفتح الأفران لمدة ساعتين لتوزع الخبز على أصحاب الدكاكين حتى توزعونها حسب الحصص التي شرعتها الإدارة الحلية لهم. ويقتصر البيع على من يملك البطاقة الإرترية الصادرة من داخل إرتريا والساكن في الحي التي تشرف عليه الذوبا.
ومن هذا تولدت معارك حامية وطوابير طويلة ومشادات واحتجاجاً مع أصحاب المخابز الذي حدد له الذوبا حصة كل زبون في لوقت الكل يريد شراء حسب قدرته والناس في هم منهم الطفل والمرأة والعجوز وكل يوم تتفاقم أزمة طابور أخر في البلاد.
ومهما أعلنت الحكومة من وعود لحل الأزمة هناك طوابير أخرى قادمة قريباً موضحة فقرنا وصعوبة الأوضاع السياسية التي نعيشها.
بقلم /متكل أبيت نالاي
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7478
أحدث النعليقات