تعقـيب على كتابـات الاسـتاذ/ عبـد الله أسـد
المـدخـل ـ أقصـوصـة:
بحثنـا عنهـم في الـداخـل ـ في حنايـا الـمـدن الارتـرية التاريخـية العتـيقة، وفي الجـديـدة الجـديـدة، ووسـط ريـاض خمائلهـا الجميـلة الجميـلة، بحثنـا هنـا وهنـاك في المنـافي والمـلاجئ والمسـتوطنـات القـريبة والبعيـدة، وبعـد ان سـئمنـا مـن البحـث هنـاك في ارضـنـا الحـبيبة في منابـت القـوم وعناوينهـم الثابتة الأكيـدة، في الـوزارات السـيادية والاعتيـادية ومكاتـب المـدراء والوكـلاء والمسـتشـاريـن، وعنـدمـا حـار بنـا الـدليـل بحثنـا عنهـم في المـواقـع الـدنيـا التى لا تناسـبهـم ولا عـلاقة لهـا بمـا يحملـون مـن علـم وخبـرة وطهـر وحـب للوطـن الغـالى جـدا، ثـم انتقلنـا للبحـث في المسـتوصفـاة والمسـتشـفيـات والمـراكـز والسـجـون والمعتقـلات وكل الاماكـن التى تـزدحـم بهـم وبأمثالهـم اليـوم، ولــكن لـم يسـمح لنـا وبالتـالى لـم نهتـد …. ، لـم نهتـد اليهـم ولـم نسـلـم مـن تكـرار تـلك الاسـئلة المحـرجة، والمـواقف المخيـفة والأصـوات المـرتفعة الآمـرة التى تعـرضنـا للقهـر بهـا على ثـرى ارضنـا التى تعـرفنـا مثلمـا تعـرف الأم وليـدهـا، ونعـرفهـا ونعـرف انـواع نباتهـا وجمادهـا، طينهـا واحجــارهـا ورملهـا وحصاهـا منـذ ميـلادنـا وميـلاد اسـلافنـا الأوائـل، نعـم يـا أخي تعـرضنـا في رحـلة البحـث عنهـم للأهـوال والتهكـم والنكـران على ارضنـا وبـين مـلاعـب صبانـا، وفي كل موقـع وطأته اقـدامنـا المتعـبة كنـا نتعـرض لأكثـر مـن سـؤال عـن هوياتنـا، وبعـد رعشـة منـا وهمهـمة مـن السـائـل كنـا نمـر مـن موقـع لآخـر فيتكـرر نفـس السـؤال وتتكـرر نفـس الـرعشـات والتمتمات غيـر الواضـحة، ولـكن الوثـائـق كانـت تقـوم مقامنـا، وكانـت دائمـا هى التى تتصـدر الموقـف الصـعـب والـرد على السـائـل اللحـوح. على كل حـال قلنـا ربمـا مـوج الحـرية قـذف بهـم في وسـط دواويـن الـدولـة الحـديثة الحـديثة، عليه قـررنـا دخـول مكاتـب الـدولـة الوليـدة التليـدة !! للسـؤال والاسـتفسـار عـن ضالتنـا، وذلك دونمـا ادني تفكيـر في العـواقـب التى قـد نواجه بهـا، وكانـت النتـيجة قاسـية جـدا وسـلبية لحـد كبيـر، حـيث كانت الاجابـة دائمـا ,, لا يوجـد بيننـا غـريب ضـل الطـريق الينـا،،. وبـين الـدهشـة والاسـتغـراب سـألنـا عــن ادارة المناهـج التعليـمية باٍعتبـارهـا المنبـع والمصـب لؤلئـك الكبـار، قلنـا بمـا انهـم معلمـون قـدامي، وبمـا انهـم اهـم مـن عاصـر القـديـم ومـازال يعيـش مـع الجـديـد الجـديـد، ربمـا تـم تكليفهـم بأعبـاء مـدراء او موجهـيـن فى رئاسـة ادارة المنـاهـج التى مـن المفتـرض ان تجمـع مـا بـين المناهـج الوطـنية القـديـمة والجـديـدة الجـديـدة ـ وهـم قطعـا اهـلا لهـا، وهنـاك لـم نجـد مـن يـرفـع رأسـه ليـرى سـحناتنـا السـمـراء او يتفـرس في مـاتحمـل مـن تسـائـلات، ربمـا لأنهـم كانـوا يشـمئـزون مـن النظـر الى ,, شلـوخنـا المطـارق،، أو … أو … ايضـا لـم نجـد مـن يكلـف نفسـه ليجـاوب على اســئلتنـا الغـريبة الغـريبة مـن شـاكلة [ هـل يوجـد في هـذه الادارة شـخص ينتـمى الى مجمـوعة المعلمـين القـدامى، او على الأقـل شـخص يتحـدث اللغـة العـربية .. نسـأله فيجيبنـا .. ونفهـمه ويفهمنـا، ونعـرف منه مـا اذا كان مـن نسـأل عنهـم موجـوديـن في هـذه الادارة أم لا !!]، في ذلك اليـوم الكـئيب عـدنـا ادراجنـا الى الشـارع العـام للسـؤال عمـن نبحـث عنهـم. وفي نهـاية المطـاف وبعـد ان اخـذ منـا التعـب مـا أخـذ، سـألنـا عـن ادارة البحـوث العلمـية، اعتقـادا منـا انهـا انسـب المواقـع التى يفتـرض ان يشـغلهـا العلمـاء وأسـاتـذة الجيـل، وعلى ناصـية الشـارع العـام تطـوع احـدهـم دون ان يسـألنـا عـن هوياتنـا، فـأرشـدنـا الى مـا اعتقـد انه العنـوان المطلـوب، وكنـا سـعـداء بهـذا التطـوع الـذى لـم يصـادفنـا في رحـلة البحـث عـن ضالتنـا الغالية .. حمـدنـا الله واثنينـا عليه وقلنـا في ايقـاع واحـد ـ الـدنيـا فيهـا خيـر وارتـريـا مـازالـت تحمـل بـذرة ذلك الخيـر القـديـم القـديـم، وبعـد جهـد مضـنى وجـدنـا العنـوان ولكن اكتشـفنـا انه مبـنى ادارة المباحـث الجنائـية التى لا عـلاقة لهـا بادارة البحـوث العلـمية، وعنـدمـا هممنـا لابـراز هوياتنـا تجاوبـا مـع طلـب مـن كان يـقف في مـدخـل ذلك المبـنى المخيـف، سـمعنـا صـوتـا يخاطبنـا بلغـة عـربية سـلـيمة وهـو صـوت مألـوف لمسـامعنـا وليـس بالغـريب على آذاننـا، وعنـدمـا التفتنـا باتجـاه مصـدر الصـوت وجـدنـاه راقـدا يفتـرش الأرض على مقـربة مـن مـدخـل الادارة، كان الـرجـل احـد اسـاتـذتنـا وشـيوخنـا الكبـار الـذيـن علمونـا الحـروف الابجـدية الاولى، وهـو مـن دفـعة اسـتاذنـا الـراحـل المقيـم المناضـل محمـود محمـد صـالح، وبقـدرة قـادر ونتـيجة لأسـباب خـارجة عـن ارادته اصبـح الـرجـل شـيخـا ضـريـرا لا مـأوى له ولا وجيـع، كان في ايـامه الخـوالى جبـلا عاليـا لا يعلـوه آخـر، كان بحـر علـم مـن يسـبح في شـواطئهـا ينطـق لغـة العـرب ولغـات العجـم مـن غيـر معلـم، ولأن الـدوائـر دارت مـن حـوله بشـكل غيـر مـرغـوب وباتجـاه معاكـس لحـركة عقـارب السـاعة !!، تغيـر الشـكل والمنظـر، ولهـذا السـبب او ذاك النكـد عـرفنـاه مـن صـوته الجهـورى المألـوف لا مـن شـكله المغايـر للثـوابـت والحقـائق السـابقة، وسـبحـان الحي الـدائـم الـذى لا يتغيـر ولا يتبـدل، وبعـد السـؤال عـن حـاله واحـواله علمنـا انه يجلـس في ذلك المـوقـع منـذ مايـربـو على عشـرة اعـوام متصـلة، وقـال انه في انتظـار زمـلاءه القـدامي الـذيـن قيـل له انهـم دخلـوا عبـر هـذا المـدخـل ولـم يعـودوا لاصطحـابه حتى اللحـظة، وعنـدمـا حاولنـا اصطحـابه معنـا رفـض بكبـريـاء لا ريـاء فيه ولا مجـاملة، عنـدئـذ ضـربنـا كفـا بــكف وهـززنـا رؤوسـنـا بمـا يؤكـد غيـاب عقـولنـا وضـعف الحيـلة، وفي تـلك اللحـظة العصـيبة علمنـا ان اسـاتـذتنـا المخضـرمـيـن قـد ابتلعتهم بحـر غـدر لا غـرار لهـا، وكـدنـا نيأس ولـكن تـذكـرنـا ان لا يأس مـن رحـمة الله، ولأن فـرجـه دائمـا قـريب وقعـت عيوننـا على عنـوان جـاء صـارخـا فى مـوقـع ,, عـواتى الالكتـرونى،، وكان ذلك بمحـض صـدفة لا نتـيجة بحـث يشـابه ذلك الـذى شـكت منه اقـدامنـا المتـعبة، وبعـد قـراءة مـاجـاء تحـت ذلك العنـوان علمنـا ان بعضهـم يوجـدون في عنـاوين حقـيقية غيـر وهـمية، وحـيث انـك احـدهـم وان مـن ورد اسـمه على لسـانك ايضـا منهـم، عليه نحمـد الله على هـذه النعـم، فالأحجـار الكـريـمة قليلهـا يلمـع مثلمـا يفعـل كثيـرهـا، عليه ومنـذ تاريخ اليـوم نطالبكم بمـزاولة مهـامكم الانسـانية التى علمـت واعـدت جيـل التحـدى الـذى مضى بعـد ان كان السـبب والمتسـبب فى تأسـيـس دولـة ارتـريـا التى مازالـت تحـت التكـويـن، ونحـن منـذ اليـوم نتطلع الى حضـور محاضـراتكـم وقـراءة كتاباتكـم مـن تحليلات ومـداخـلات وكتابة مسـلسـلات ذكـرياتكم الخاصـة والعـامة وماتيسـر مـن المسـاهمـات الممهـورة بأسـمائكم أي بأقـلام الثنائى الوطنى الـذى نعتبـره البقـية الباقـية مـن ذلك الـزخـم الـذى نعـرف . … والله المـوفق.
الموضـوع:
لقـد ابـدعـت اسـتاذنـا الكبيـر عبـد الله أسـد لا فـض فـوك .. فيمـا كـتبته عـن مـديـنة أغـردات ( وهـران ارتـريــــا) كمـا يحلـو للبـعض ان يسـميهـا، نعـم ابـدعـت وقـل اعـوذ بـرب الفـلق مـن عيـون حسـاد ذاكـرتـك الحـديـدية التى احتـفظت بـكل تـلك الأحـداث العظيـمة التى تمـت في عهـد الاسـتعمـار الاثيـوبي، وقطعـا صـدقـت فيمـا قلـت فالمـدينة فعـلا هى المـدينة الحية، والشـخوص الـذيـن ذكـرت جميعـا احبابنـا وهـم بعـض مـن سـاهمـوا في صنـع تاريخنـا الحـديث، ورغـم قلـمك السـيال الـذى جـرى باتجـاه المـدينة اكثـر مـن سـاكنيهـا الآ انـك ابـدعـت فعـلا ، ولا يسـع المجـال مـالـم نـؤكـد ذلك قائلـين لك، فعـلا أغـردات هى التاريخ غيـر المنسى ـ نعـم غيـر المنسى، وهى الثـأر العائـم فـوق كل شـيئ، والجـرح الغائـر الـذى لـم يلتـئم بعـد، وهى قطعـا المنهـل الـذى أخـذ عنه كافـة المناضلـين الاصـلاء، ولكنهـا في الحقيـقة هى وجبـة دسـمة لا يأكلهـا الآ مـن يسـتطيـع هضمهـا، لأنهـا هى الـرصـاصـة القاتـلة، والبنـدقية المصـوبة، والسـيف البتـار، والقلـم السـيـال، وفي النهـاية هى احـد الاشـياء الثـمينة الى نحـرص عليهـا، وهى احـد الاسـماء التى نفخـر بهـا وتهتـز شـفاهنـا حبـا ورهـبة حينمـا ننطقهـا، ولـكن في البـداية والنهاية التحـية لانسـان القـاش العظيـم الـذى ولـد النضـال على ارضـه ودعـم به مـن غيـر حسـاب، والتحـية للانسـان البـركاوى الـذى دفـع ضـريبة الفـداء الاولى، والتحـية للشـعب الارتـرى الـذى صنـع النضـال وبـارك الثـورة والثـوار، والتحـية الكبـرى للامهـات الارتـريـات اللائى ولـدن الثـوار الأبطـال، والتحية لأغـردت العظـيمة ولـكل المـدن والقـرى الارتـرية التى شـكلـت وسـتشـكل هـويتنـا العـربية الارتـرية ولـو كـره الكارهـون وطمـع الطامعـون على الارض، فـاٍن كان اليـوم لهـم ولفـرعـون فالغـد لنـا ولموسى عليه السـلام.
شـكـرا اسـتاذنـا الكبيـر على ماكـتبت .. كـتبت عـن مـديـنة أغـردات في عهـدهـا السـابق وكـنت صـادقـا، ولكننـا نتطلـع ان تحـدثنـا عمـا آلـت اليه مـديـنة أغـردات وايضـا أخواتهـا في عهـد الاسـتقـلال وفي ظـل نظـام حكـومة الجبـهـة الشـعبية، وقطعـا نتوقـع منـك نفـس الصـدق والاريحـية السـابقة، ولك منـا الشـكـر سـلفـا فيمـا كـتبت ومـا سـتكـتب لاحقـا.
أخـوك: جابـر سـعيـد ـ أرض الهـرم
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7500
أحدث النعليقات