التاريخ والحوار الأخوي..”؟
في الإسبوع الماضي كنت كتبت عن تاريخنا وتسلسله التاريخي، وارتطامه منذ مراحله الأولي والقصيرة بحائط الانقسامات والاختلافات، بين الناطقين بلغة التجري رغم أغلبيتهم (المسلمة) التي كانت تتحكم في إدارة التنظيمات، وذلك منذ بداية تأسيس الثورة الإرترية 1958م ـ 1961م وحتى حصار اسمرا في1975م الذي غلب الكفة لصالح الناطقين بالتجرينية بأغلبية (مسيحية) ، وليس في تاريخنا الماضي أي تجربة يحتذي بها كمثال صالح يمكن أن تكون نموذج يقتبس منه ما يفيد حاضرنا، ماعدا فترة تقرير المصير التي لم تكتمل صورتها النهائية، ولهذا قامت الثورة الإرترية ، التي توحلت في الخلافات التي أصبحت عادة حتى الإدمان، علي (قاعدة خالف تذكر) ، وخاصة بين المسلمين الذين كان لهم السبق في إعلان الكفاح المسلح ، ولهذا أعتقد كانت تجربة الجبهة الشعبية صائبة في حسم الخلاف بالقوى في مرحلة التحرير، لصالح قيام الدولة الإرترية، ولم يتمكن الطرف الثاني (ذو الأغلبية المسلم) إداريا من إثبات وجوده بسبب الخلاف الذي كان سائد بين القيادات التي كانت تتنازع في احتكار الإدارة، تارة وفق ميولات فكرية وتارة أخرى وفق عنجهية لا أساس لها من المصداقية، ولذلك انعدمت الروح النضالية التي تؤمن بمبادئ نكران الذات، ولذا إن غلب السحر علي الساحر، واليوم الجانب المتباكي هي نفس هذه القيادات التي تفتقر إلي قواعد أساسية، منذ خروجها من ساحة النضال في عام 1981م وهي تجند أتباعها وفق ميولاتها الدينية والقبلية، ولا تستطيع الخروج مما هي عليه وتصور لنا فشلها علي أنه خلاف (مسيحي إسلامي) والبعض علي أنه (فكري أيدلوجي) وفي نفس الوقت تنعدم الوحدة حتى بين أبناء قومية التجري الواحدة، والذين يمثلون أغلبية سكان إرتريا، مما دفع الأقليات من القوميات إلي سحب الثقة التي كانت متوفرة في مرحلة النضال السابقة، و تكوين كياناتهم، وبذلك تزايدت التعقيدات، ثم نعكس أسباب عدم وحدتنا وتفككنا إلي الجبهة الشعبية (الهقدف) الذين في أقل تقدير حققوا الاستقلال، وتمكنوا من إقامة الدولة ذات السيادة، وإن كان في ذلك بعض الإخفاقات، وإن رأينا بعض بني جلدتنا يتضامنون مع شركائنا المسحيين نعتناهم بالتملق والخيانة، ومن كان يعمل مع النظام ملتزما علي طول حياته ثم مات ضميناه إلينا وهو ميتا وحملنا النظام وزر موته، إنها مفارقات عجيبة ومذهلة، كما تنعدم الوحدة بين قومية التجري التي بها مسلمين ومسيحيين، بل هي معدومة بين المسلمين منا أكثر من المسيحيين، والتي أصلا لا أساس لوحدة المسلمين حتى بين المليار مسلم في العالم، والذين يعيشون في حالة توافقية بين دولهم ومراجعهم الفقهية والدينية، وهي نفس الحالة التي يتبادلونها مع العالم المسيحي وكل شعوب العالم، ولكن حتى هذه الحالة بين وجدان تنظيمات المعارضة الإرترية غير مرغوب فيها، بل هنالك بذور لغرس الفتنة بين أبناء الشعب الإرتري الذي أثبت عبر تاريخه التعايش السلمي بين مختلف مكوناته الإثنية والدينية، في مرحلة النضال التحرري، ولذلك التاريخ يبحث عن إيجابيات يمكنها أن تسند الحاضر حتى يكون هنالك شعاء للمستقبل الواضح، ولهذا كتبت عن الجانب السلبي الذي يتمثل اليوم في حالة المعارضة، التي لم تستطيع نفض غبارها وتبديل تشعثها، وفي اعتقادي إن المطالب المشروعة التي تطرحها المعارضة مثل الحقوق الثقافية والدينية وحقوق الأرض، وغيرها لن تكون هذه أصلا موضوع خلاف بين الفر قاء، وهي من الثوابت التي لا يمكن نكرانها، وحتى الهقدفيون يعترفون بذلك وإن لم يكن ذلك بصورة علنية، إذا السؤال هو أين يكمن الخلاف في حقيقته ؟ وفي اعتقادي إن خلافنا يكمن في سوء إدراكنا وتفسيرنا وتحليلنا الغير منطقي للحالة، وعليه يجب علينا مراجعة مسيرة تاريخنا القديم والحديث الذي تطغي علية السلبيات، وتعديل ذلك وهذا هو المخرج الذي يؤهلنا لكي نصل إلي غاياتنا، ولهذا اقترحت في مقالي السابق عقد مؤتمر جامع وقيادة جديدة من خارج التنظيمات، وأكرر ذلك وأطلب مشاركة واسعة من كل الإخوة الحادبين علي بلادهم وشعبهم وثقافاتهم ودينهم علي المشاركة برأيهم وإثراء هذا الحوار التاريخي والأخوي قيادة وقاعدة، وذلك بروح المسؤولية ولنقل كفي موتا وتشردا واعتقال ولجوا وضياع، ولنقل كفي للتشرذم ولنكن مثال يحتذي به بين شعوب العالم ، ولنكن محبينا للسلام والعدل، ونعمل من أجله دون أن ننتظره ذلك ليس هبة تمنح بل هو نتاج عمل تتعاضد فيه همم الرجال والنساء، وحين نالت بلادنا إرتريا استقلالها كان ذلك مدهشها لأكثر شعوب العالم، رغم التعتيم الدولي والعالمي الذي كنا نعاني منه إعلاميا، إلا أننا أثبتنا جدارتنا فكنا مثالا لكثير من شعوب العالم ولنضرب مثالا آخر بإعادة العدل وبناء الديمقراطية، وذلك ليس بالمستحيل، ويجب أن لا تكون مشاركاتنا تخمينات تستبق النوايا الحسنة وتغليب الأمور، بل علينا أن نحسن النية فيما يجمع بيننا ونجعل من تكتلنا قوة مؤثرة تمكننا من فرض وجودنا، والذي من خلاله يمكن أن تتجسد مطالبنا علي الواقع، في مقالي السابق علق بعض الإخوة حيث قال أحدهم ،إنها قراءة هامشية للتاريخ ، ثم عاد وأستحسن ذلك قائلا (لكن لا بأس ) جميل أخي الكريم أن نتفق ثم أنني لم أركز علي سلبية المسلمين، بل كان تركيزي علي سلبية التاريخ النضالي ، وإن كانوا المسلمين عامله الأساسي ، عموما أورت ذلك دون أن أحمل وزر ذلك لأي طرف بل هي الأحداث جرت كيف شاءت، و لربما هناك نقص ما أو قلة خبرة ، مما يتنافي مع حاضرنا اليوم ، ولم يتطرقوا المعلقين علي الاقتراح الذي أورته في المقال، باستثناء واحد، واكتفوا حسب قناعتهم بما يعتبرونه تحدي تاريخي لهم ،علينا تقبل الحقيقة لكي نستفيد منها في حاضرنا ،ولسنا بصدد محاكمة من أخطأ وذلك هو شأن التاريخ ولكنا نستلهم العبر ونحي الهمم ، وعلي قول المثل (العتر تصلح المشي ) وشكرا للجمع ودمتـــــــــــــــــــــــــم
منصور إسماعيل
3/10/2009
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=7697
أحدث النعليقات