رمضانيات (1)
عمر جابر عمر
كل عام وانتم بخير ورمضان كريم – هذا الشهر الكريم له خصوصية بين كل شهور السنة – ليس لأنه الشهر الذى أنزل فيه القرآن فحسب وان كان ذلك كافيا لجعله فى مكانة خاصة – وليس لأنه الشهر الذى شهد أولى انتصارات المسلمين على أعداء الأسلام ( معركة بدر ) وأن كان ذلك يعطيه شرفا وفخرا – وليس لأنه الشهر الذى يجتمع فيه المسلمون على طقوس وأسلوب حياة يحفظ المودة والتراحم بينهم ويمارسون أجمل ما فى ثقافاتهم وموروثاتهم من موائد الأفطار الجامعة وجلسات ومنتديات الوعظ والأرشاد – ليس من أجل ذلك فحسب – بل ان العبادة فى شهر رمضان تختلف عنها فى الشهور الأخرى – فى باقى الأيام تؤدى الفرائض والواجبات وتسقط دينا عليك – فى رمضان أنت فى محراب تتواصل فيه مع الخالق وتبحث عن الطمأنينة النفسية والسكون العقلى بينك وبين ما هو حولك وخارجك – عن الأتزان والتوازن – تتأمل فى خلق الله وملكوته – تتبصر – تتفكر – وتتعلم وتتزود بشحنة روحية وزاد عقلى يعينك لقادم الأيام.
وهذه محطات توقفت عندها فى هذا الشهر الكريم – اسأل الله ان يجعله علينا شهرا مباركا تنفرج فيه كرب الأمة ويصلح حالها.
السالب والموجب : فى كل مجتمع وكل محفل تجد بعض المظاهر الأيجابية وأخرى سلبية – وهذه بعض منها.
الأيجابى:
@ : أقام رجال الرعيل الأول ( المشاركون فى الملتقى) معرضا للثورة الأرترية ضم لوحات الرواد الأوائل والشهداء والسيرة الذاتية لأبطال التحرير. كانت لفتة بارعة شدت انتباه واهتمام القادمين خاصة من اوربا وامريكا.
انها مبادرة بحاجة الى دعم وحشد كل الطاقات والجهود لجمع وتنظيم تراث الثورة وتخليد ذكرى الشهداء.
ثم كانت مبادرة أعضاء الملتقى للتعبير عن تقد يرهم واحترامهم للرعيل الأول حيث تم جمع مبلغ من المال لمساعدتهم وكانت لفتة وفاء من الأبناء والبنات لهؤلاء الرواد.
كذلك قامت مجموعة من النساء بجمع تبرعات لسيدة حامل من معسكرات اللاجئين مرت بأزمة صحية طارئة – ومرة أخرى أثبت الأرتريون أنهم خير من يلبون نداء الوا جب ويتسابقون لفعل الخير.
@ فى خطبة الجمعة ( فى الملتقى) تحدث الأمام – الأرترى – عن مفهوم وأهمية الحوار كقيمة حضارية ومن منظور اسلامى ووطنى – ذلك كان نموذج للتفاعل مع الواقع وهمومه ونأكيدا لجدية الخطاب الأسلامى ومواكبته لقضايا العصر – انتهى زمن ( خطاب السلطان) الذى يدعو له بطول العمر وهو فارق الحياة منذ أكثر من قرن من الزمان!
@ وفى اطار حملات دعم اللاجئين الأرتريين فى شرق السودان وبمناسبة شهر رمضان المبارك نظمت منظمة ( ايثار) الأرترية للاغاثة بالتعاون مع منظمة ( هيومان أبيل) الأنسانية حملة للتبرعات من خلال قناة ( حوار الفضائية) لدعم اللاجئين الأرتريين فى شرق السودان. وكانت حصيلة الحملة أكثر مما توقع المنظمون الأمر الذى يعكس اهتمام الأرتريين فى كل أنحاء العالم والمحسنين بصفة عامة بقضية اللاجئين وظروفهم . ان تلك المبادرات لا تساعد على تخفيف الأعباء عن اللاجئين فحسب بل تجعل قضيتهم حية فى الضمائر والقلوب بعد أن تنكر لهم النظام الدكتاتورى وحرمهم من حق العودة الى بلادهم.
السالب:
@ – عند مناقشة موضوع السكرتارية – توقف الملتقى لثلاثة أيام – قام أحد أعضاء اللجنة التحضيرية وقال: اننا لا نتدخل فى السياسة ولسنا على استعداد لمناقشة مواضيع سياسية !؟ لماذا جئت يا هذا؟
مهمة انسانية أم اغاثة؟ ولكن الأعضاء لم يرحموه ووضعوه فى حجمه الحقيقى – والغريب انه جاء ليتسلم باقة ورد على مساهماته!؟ تلك كانت بعض سلبيات اللجنة التحضيرية السابقة – وهى رسالة الى المفوضية الجديدة حتى لا يفاجئنا أحدهم ويقول انه محايد بين النظام الدكتاتورى والمعارضة الأرترية!
@: حكى لى أحد القادمين من اوربا نكتة ملخصها ان عضوا فى الملتقى كان منتسبا فى حزب الشعب ولكنه قدم استقالته احتجاجا على عدم توفر مناخ الحرية والتعبير عن الرأى. وفى الملتقى قابله صديق قديم من قيادات التحالف وسأله الأخير عن أحواله وكيف وجد الملتقى؟ أجاب الضيف : اننى تركت حزب الشعب بسبب منعى من توجيه النقد اليهم وهنا انتم تمنعوننا من التعبير عن رأينا؟
قال عضو التحالف القيادى: لا عليك انت هنا لديك كامل الحرية لتنتقد حزب الشعب ولن يمنعك أحد من ذلك!؟ ضحك الجميع وانتهت القصة – ولكن فى المساء وأنا جالس مع اصدقائى فى المقهى جاء رجل يضع سترة ايطالية آخر موضة ويلبس قفاذا فى يده اليسرى مثل نجوم السينما وطلب ان يتحدث الى – استاذنت من الجالسين معى وأدرت ظهرى لهم والتفت الى الرجل وأنا جالس وسألته خيرا؟ قال بجدية من هو الرجل الذى ترك حزب الشعب وقال هذا الكلام؟ قلت له لا يوجد رجل – انها نكتة – قال ان المترجم لم يقل انها نكتة؟ وحتى لوكانت نكتة ما كان يجب أن تقولها لأننى متخصص فى النكات ( !) وهذا قد يؤثر على التحالف وتماسكه ودوره —- ولم استطع مواصلة الاستماع الى بقية الكوارث التى ستحل بالتحالف من جراء النكتة. تذكرت فى لحظات قصة تروى عن الأمام الشافعى ( اذا لم تخنى الذاكرة) حيث كان فى مجلسه مع المريدين والتلاميذ وكان من عادته ان يرفع رجليه الى أعلى وهو جالس ويضع يديه فوقهما.
وبينما هو كذلك دخل رجل أنيق الملبس تبدو عليه سمات الوقا ر فاعتدل الأمام فى جلسته ورحب بالضيف الغريب. سأل الضيف وقال: أنا غريب فى ديار لا أعرف فيها أحدا وأنا صائم ماذا أفعل لمعرفة موعد الأفطار؟ قال الأمام: تتابع الشمس حتى تغيب ثم تفطر – قال الرجل: واذا لم تغب الشمس؟! أدرك الأمام انه أمام حالة سقط فيها المنطق فقال: اذا لم تغب الشمس آن للشافعى ان يعود الى جلسته الأولى – ورفع رجليه الى أعلى!! تذكرت هذه القصة ونظرت الى الرجل مليا وقلت له: اذا كان ذلك هو حال التحالف – لنقرأ الفاتحة عليه! وتركته واستدرت فى اتجاه أصحابى.
رمضان كريم
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8497
أحدث النعليقات