محمد طه توكل في حوار صريح مع فرجت ينفض الغبار عن علاقاته بالمعارضة والحكومة السودانية

“الكرمك” غيرت من مسار تفكيري واتجهت نحو الحياد

نظام أسمرا دس لي السم في العسل

أحببت السودان وندمت بتاخير زيارتي له


 الخرطوم – “فرجت”

مقدمة لا بد منها

برزت فكرة إجراء هذا الحوار مع الزميل الأستاذ محمد طه توكل مدير مركز الخليج للدراسات والإعلام بالقرن الأفريقي عندما التقيناه لأول مرة في الخرطوم في يناير الماضي حيث تجاذبنا أطراف الحديث الذي كان محوره علاقته بالسودان خلال فترة عمله الصحفي. وتناول الحوار فترة مهمة من حياته عندما كان في قمة نشاطه الصحفي والتي امتدت من 1994 – 1997.

وتطرق الحوار إلى ظروف وملابسات تأسيس التجمع الوطني السوداني المعارض، وطبيعة الدور الإرتري. وكشف ضيفنا عن معلومات مهمة تنشر لأول مرة، كما تحدث عن أول لقاء تم بين جون قرنق وعبد العزيز خالد ومحمد عثمان الميرغني ومبارك الفاضل وهو الاجتماع الذي وضع النواة لمؤتمر القضايا المصيرية الذي عقد في أسمرا في ديسمبر عام 1995 وكيف تمت الاتصالات الأولى بين الحكومة الإرترية والمعارضة السودانية، وكيف انقلب الرئيس الإرتري على الحكومة السودانية، بالإضافة إلى كشف ملابسات عملية خروج الصادق المهدي من السودان وكذلك ظروف عودته أيضاً، وما تلا ذلك من أزمة بين المهدي وتوكل.

وتحدث توكل عن حقيقة اعتقاله في مدينة (أصوصا) الإثيوبية عام 1997 في طريق عودته من مدينة (ألكرمك) السودانية، وعرج إلى اتصالاته الأولى بحكومة الخرطوم وقنوات اتصاله بأعلى المسئولين فيها.

ويعتقد الرجل أن الحكومة والمعارضة كانتا (محطة هامة) في مسيرة عمله الإعلامي والصحفي. حيث يقول إن فرصاً نادرة أتيحت له من بينها تغطية وقائع أخبار المعارضة السودانية، وقدم رصدا لتطورات الأحداث في الخرطوم وخاصة تطبيع علاقة الخرطوم مع دول الجوار، بالإضافة إلى الخلاف بين (القصر) البشير و(المنشية) الترابي.

ويقول توكل إن أسمرا لعبت دور المخرب لعملية السلام السودانية وأنها كانت تتمنى أن لا يصل السودانيون إلى سلام حقيقي حتى توظف التناقضات الداخلية بالساحة السودانية في إطار مواجهتها مع الخرطوم.

ورغم أن رياح التغيرات التي هبت على المنطقة فعلت الكثير بالسودان، وبدت آثارها واضحة على معالم الخريطة السياسية السودانية، إلا أن توكل يبدو غير نادماً على كل لقاءاته الصحفية مع الخبراء وصناع القرار السوداني.

بقي ان نقول ان اهمية هذا اللقاء لا تكمن في ان الاستاذ توكل يعد من ابرز الاعلاميين في منطقة القرن الافريقي فحسب، وانما لكونه شاهدا على حقبة هامة من تاريخ هذه المنطقة التي شهدت احداث اكتنفها الكثير من الغموض واللبس، وقطعا هو احد القلائل الذين اتيحت لهم خلال هذه الحقبة الهامة الاطلاع على الكثير من الخبايا والاسرار رغم كل المخاطر والمازق التي تميز بها القرن الافريقي خلال العقد الماضي.

لا نطيل في المقدمة ولندع توكل يحكي لنا ما يعرف:

 *- لماذا قررت أن تفتح ملف علاقتك بالسودان في هذا الوقت بالتحديد..؟

** لقد تحقق السلام في السودان بموجب اتفاقيتي نيروبي والقاهرة وربما الصدفة لعبت دور رئيسي في متابعة الأحداث وعلاقات إرتريا بالسودان ما بعد عام 1994 ويرجع الفضل لزميلي الصحفي منير كرار الذي طرح على أن أتناول علاقتي بالسودان ولكن لاعتبارات كثيرة لم أكن متحمسا للإفصاح عن تلك الملفات والمعلومات إلا أنني فوجئت بعدد من المقالات كتبها عدد من المعارضين السودانيين العائدين إلي الخرطوم عن تجربتهم في إرتريا. كما طلب مني الأخ الزميل فخر الدين كرار وهو من المقربين من الدكتور منصور خالد وهو صديق قديم لي حيث عاد بذاكرتي لعشر سنوات واقترح علي أن أكتب في صحيفة الخرطوم والميدان السودانيتين أو صحيفة الشرق القطرية إلا أنني عجلت بأن اكتب عندما شاهدت توقيع اتفاقية السلام في القاهرة بين الحكومة السودانية والتجمع السوداني المعارض.

*- أليس من المهم أن يعرف القارئ الإرتري  طبيعة علاقة أسمرا بالحكومة والمعارضة السودانية..؟

** كانت هناك صعوبة لمتابعة ومعرفة طبيعة علاقة الحكومة الإرترية بالحكومة السودانية  والمعارضة السودانية حيث كانت في البداية حماسية مع الحكومة السودانية التي كانت سخية وصادقة في علاقتها مع الحكومة الإرترية، وتعاملت معها بنوايا طيبة طغت عليها طبيعة السودانيين في التعامل من جانب واحد وهو العطاء دون مقابل، وفجاءة أنكرت الحكومة الإرترية الجميل وتبنت خيار المعارضة السودانية وإسقاط النظام في الخرطوم.

*- ما هو أول ما لفت نظرك في علاقة النظام الإرتري بالمعارضة السودانية..؟

** كان أول ما لفت نظري في تلك العلاقات هو اختيار غرب إرتريا لتكون مراكزا للتدريب والانطلاق العسكري للمعارضة السودانية. هذه المسألة كانت تقلقني  لوجود أجندة داخلية في إطار حسابات خاصة بالنظام الارتري. وهذا أربطه لأكثر من عامل منها وجود نصف عدد القوات الإرترية على الحدود الإرترية السودانية. واختيار معسكر التدريب بغرب إرتريا لجعلها منطقة عمليات عسكرية بذريعة وجود معارضة إرترية. كما أن قيادات المعارضة كانت تفضل ان تكون معسكرات التدريب في مناطق باردة بدلا من غرب إرتريا الساخنة. كما أن المعارضة الإثيوبية كانت تتدرب في مناطق باردة مثل نقفة وبعد المناطق في المرتفعات. والسؤال هنا لماذا تم اختيار غرب إرتريا بالتحديد كمدينة هيكوتا مسقط رأس مفجر الثورة الشهيد حامد عواتي معسكرا للتدريب للمعارضة السودانية الجنوبية والشمالية منها، وما يمكن قوله هنا انه كانت هناك أجندة خفية للحكومة الإرترية مرتبطة بمسألة الاستقرار في غرب إرتريا التي تعتبر على مدى ثلاثة عقود مسرحا للعمليات العسكرية إبان معركة التحرير وكان الشئ المحير بعد الاستقلال تحويل هذه المنطقة إلي منطقة عمليات، وعامة منذ عام 1996 أصبحت معظم المدن الغربية مناطقا للعمليات وتتوقفت حركة السيارات فيها بعد الغروب مباشرة. ومعروف أن الذين سقطوا في المواجهات العسكرية على طول الشريط الحدودي سواء المهاجمين والمدافعين كان الأغلب منهم في الأصل إرتريين حتى رئيس النظام الإرتري اعترف باشتراك قواته في عدد من العمليات الهجومية على السودان وعموما الشعب الإرتري كان الخاسر الأكبر بسبب الأوضاع المتدهورة سياسيا وأمنيا واقتصاديا. حيث كان تأثير تلك العمليات على الشعب الإرتري بينما كان الضرر المباشر على القبائل المشتركة التي تمتد على طول الحدود بين البلدين. كما أن إغلاق الحدود بين البلدين وتحويل المنطقة إلي مسرح للعمليات العسكرية أوقف تدفق شريان الحياة لسكان غرب إرتريا وشرق السودان.

وأقولها صراحة إن النظام الإرتري كانت لديه أجندة متعددة في آن واحد أصاب بها أهداف متعددة تخدم استراتيجيته.

*- كيف كان دور الجبهة الشعبية وماذا عن موقف سكان غرب إرتريا من هذه المعسكرات..؟

**- كان هناك إجماع إرتري رافض لسياسة الحكومة الإرترية المعادي للسودان ولم يكن هناك تعاون من المواطنين مع المعارضة السودانية، ومن المشاهد اليومية حدثت مواجهات عسكرية في هيكوتا حيث قام مواطن إرتري بقتل عناصر المعارضة إثر مشادات بينهم تطورت إلي القتال. كما أنه كانت هناك حالات كثيرة مشابهة، ولهذا كانت العلاقات محدودة واقتصرت على مسئولي ملف المعارضة السودانية في الحكومة الإرترية.  طبعا المواطن الإرتري لا يستطيع  أن يؤثر على قرار الحكومة فهو مغلوب على أمره. أما دور الجبهة الشعبية الذي هو عبارة عن تنظيم مجسم على شخصية فرد واحد، فالتنظيم مجرد جهاز تنفيذي لأوامر الحاكم. ففي إحدى المرات دار نقاش في احدى جلسات السهر الليلية حيث يفضض فيها كبار المسئولين ويظهر الكلام الممنوع فيما بينهم. قال أحدهم يا إخوان موضوع المواجهات بيننا وبين السودان تطور ولا بد  أن نتحدث مع الرئيس ونعمل على إيقاف هذه المواجهات، فرد أحد الجالسين قائلا دعوه وشأنه يعبث في السودان وإلا فلن يترككم في شأنكم لأنه سوف ينقلب على أبنائكم وبناتكم فالأفضل لنا أن نتركه مشغولا بالسودان والكنغو. ففي تلك اللحظات ساد الهدوء وفجأة قال المتحدث بعد ان استعاد وعيه قائلا (يا جماعة إياكم أن يصل هذا الحديث إلي الرئيس وإلا أنا أيضا سأتحدث بما دار بيننا. وقال ان كل ما قيل كان في لحظات غياب الوعي) هذا الحادث تشخيص جلي عن دور كوادر الجبهة الشعبية في السياسات حيث أنها مغيبة تماما. ولهذا وصلت إرتريا  إلي ما هي عليه ألان. السودانيين الحكومة والمعارضة اتفقوا على السلام أما إرتريا التي فتحت أرضها على مصراعيه لفترة عشرة سنوات للمواجهات العسكرية استنذفت كل مواردها على حساب التنمية وخطفت اللقمة من فم الشعب الفقير وحولت شعبها عبيدا حيث يتم استخدامهم مقابل مواد الإغاثة. كما يعمل آلاف من الشباب مجانا في مشاريع البناء وتشييد وسفلتة الطرق تحت مسميات من شبيه (وارساي يكألو) وهي نوع من العبودية الجديدة التي استحدثتها الجبهة الشعبية. واعتبر أنا شخصيا أن الـ14 عاما ضاعت من عمر الشعب الإرتري. وأساس المشكلة في إرتريا هي داخلية كان بإمكانها أن تدعم المعارضة السودانية سياسيا كما فعلت مصر وليبيا وبعض دول الخليج. ولكن النظام الإرتري بعد أن سجل تحفظات على اتفاقيات نيفاشا والقاهرة وبعد أن أثار أزمة في أبوجا سقط القناع عنه حيث كشف دوره الحقيقي وهو التخريب وتأجيج الحروب داخل السودان، للهروب من أزماته الداخلية بتدويل الخلافات. إلا أن إرتريا الآن دخلت في النفق المظلم.

*- متى بدأت علاقتك السياسية بالحكومة والمعارضة السودانية..؟

**- علاقتي بالسودان هي علاقة أي إرتري عبر إلى الخارج عبر الأراضي السودانية وذلك في عام 1976 ثم عدت زائرا مرة أخرى إلى السودان  في عام 1983 ولم أعود إلي إليه  إلا في ديسمبر عام 1998.

*- كيف بدأت إذا علاقتك السياسية بالسودان..؟

**- لم يكن لي أي علاقة سياسية مع أي طرف في السودان فقط علاقتي كانت محدودة في بادئ الأمر بعدد من السودانيين إلا أنها بدأت بواسطة الصحفيين السودانيين في الدوحة في   1983 إلى 1994 وتأثرت بمواقف وكتابات من كنت أتعامل معهم من الصحفيين المعارضين بحكم العمل الصحفي وكانت كتاباتهم تظهر انتماءاتهم السياسية. وذلك في فترة الأحزاب والديمقراطية في السودان عام 1986. وكان عدد من الصحفيين يعكس الأحداث السياسية في السودان في الصحف القطرية والخليجية حيث كانت الصحف القطرية تخصص صفحات للسودان. واستمرت علاقاتي بالكتاب والصحفيين السودانيين في قطر وبحكم دعمهم للثورة  الإرترية إلي أن جاءت ثورة الإنقاذ الوطني حيث كان الأصل في علاقاتي مبنية على اهتمام المثقف السوداني بالقضية الإرترية كما أعتبر السودانيين أقرب الناس إلي من غيرهم في الخليج بحكم الترابط الثقافي والجغرافي والتاريخي بين بلدينا.

*إرتريا والمعارضة السودانية*

*- حدثنا عن التغير الذي طرأ في موقف الحكومة الإرترية من الحكومة السودانية وتبنيها للمعارضة؟

** – حدث تغير مفاجئ في موقف الحكومة الإرترية التي كانت ترفض مجرد الاستماع إلي المعارضة السودانية وبدأ التوتر بالضبط بين أسمرا والخرطوم في أكتوبر عام 1994م. وأثناء زيارتي لاسمرا قادما من الدوحة في سبتمبر من نفس العام فوجئت بتجنب الرئيس الإرتري التطرق للعلاقات مع الخرطوم وامتنع الخوض في التفاصيل وكذلك مشاركة السودان في احتفالات الفاتح من سبتمبر كانت قد اقتصرت على مشاركة السودان بشخص السفير السوداني في أسمرا، بعكس ما كان في السابق. وبعد يومين أخبرني سكرتير الرئيس الإرتري بموعد طارئ عقده لي مع الرئيس إسياس أفورقي.

*- كيف تقبلت مسألة الموعد أو الاستدعاء المفاجئ.. ؟

**- كانت علاقتي وقتها جيدة مع الحكومة الإرترية وكنت أتوقع أن يكون الحديث مع الرئيس حول علاقة إرتريا بدول الخليج أو الإعلام العربي، طبعا كانت هناك حالة اهتمام خاصة من موظفي الخارجية وكانت صلتي بمدير دائرة الشرق الأوسط بالخارجية الإرترية السفير سليمان الحاج طيبة وكانت مضطربة مع سلفه، وكان الوضع عموما هادئا نوعا ما، وكانت علاقتي بالحكومة وأركان النظام جيدة. وكنت حينها قد تمكنت من إتاحة أول فرصة تدريبية لبعثة الإعلاميين الإرتريين في الدوحة، وأيضا قمت بتغطية إعلامية واسعة لمرحلة ما بعد التحرير، الاستفتاء ونشاطاته ونشرت في أكثر من صحيفة خليجية ومن أبرزها صحيفة الشرق القطرية والسياسة الكويتية ومجلة العهد القطرية وجريدة القدس اللندنية. واستطعت أن أفتح نافذة مهمة لإرتريا في الإعلام العربي. لذا لكل هذه الأشياء التي ذكرتها واعتبرها لصالح إرتريا لم يكن هناك شئ يقلقني من هذا اللقاء الانفرادي بالرئيس الإرتري. حيث أنني هيئت نفسي له ولم أتي بأدوات العمل الصحفي.

*- لماذا استدعيت إذا..؟

**- كان اللقاء متميزا وكان لأول مرة خارج النطاق الصحفي مع رئيس الدولة حيث كنت في موقف المجيب للأسئلة التي طرحها علي الرئيس. ولاحظت أن الرئيس كان هادئ المزاج وفي البداية تحدث عن العلاقة الإرترية – العربية وأمن على الحوار الذي نشرناه في صحيفة الشرق القطرية. والذي وضح فيه ملامح العلاقة واحتواء التباينات التي ظهرت على خلفية رحلته إلي إسرائيل ثم تحدث بإسهاب عن الوضع في المنطقة وعرج على معظم الدول العربية وخاصة السودان ومصر والسعودية وبعدها طرح أسئلته عن علاقة الحكومة السودانية بالدول العربية والخليجية على وجه التحديد. وعلاقة هذه الدول بالمعارضة السودانية وللمرة الأولى سألني عن المعارضة السودانية وعلاقاتها الإقليمية والدولية. وطبعا أنا كنت اعرف أن الرئيس كانت لديه ملاحظات على حزب الأمة السوداني وكذلك على الحركة الشعبية وكان  يذكر دائما أنه تعرض للاعتقال من قبل وزير الداخلية السوداني حينها مبارك الفاضل إثر لقائه بالرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مطار الخرطوم دون علم الحكومة السودانية  وأمر رئيس الوزراء حينها السيد الصادق الهدي بإطلاق سراح أفورقي ونفى لاحقا كل من الصادق ومبارك الفاضل علمهما بالاعتقال. ولكن ظل أفورقي في لقاءاته مع المسئولين في ثورة الإنقاذ يردد تلك القصة حيث كان متحاملا عليهما. وقال لي الرئيس عاوز معلومات كاملة عن المعارضة السودانية، ولم أكن أتوقع مثل هذا السؤال أو الطلب حيث أنه أحدث لي نوع من الارتباك والاضطراب وذلك لعلمي المسبق بأن الرئيس كان أصلا يرفض مبدأ الاستماع حتى لصوت المعارضة السودانية.

*- ماذا كان ردك..؟

**- التقطت أنفاسي وقلت بالنسبة للمعلومات فالمعارضة السودانية الشمالية موجودة في القاهرة وأيضا لهم نشاط مكثف في دول الخليج ولكن هذه العلاقة مؤسسة على اشتراكهم في كراهية الحكومة في الخرطوم على خلفية موقف الحكومة السودانية من أزمة الخليج الثانية التي أيدت نظام صدام حسين وأيضا هجوم الدكتور الترابي على مصر والسعودية والإمارات والكويت ألحق ضررا بمصالح الجاليات السودانية في دول الخليج. وربما المعارضة السودانية لعبت دور في حماية مصالح الجاليات السودانية التي تعرضت للتهديد بالترحيل. وهناك بعض الأقلام من بعض الدول العربية التي حاولت خلق الإثارة والتأجيج ضد رعايا الدول التي ساندت نظام صدام مثل الأردن واليمن والسودان وفلسطين وأعتقد دعم بعض الدول العربية للمعارضة السودانية وخاصة مصر وبعض دول الخليج كان بدرجة أولى ضد التوجه ما كان يعرف حينها بالمشروع الحضاري الذي تعتبره تهديد مباشر لأنظمتها.

*- ماذا حدث بعد ذلك خلال اللقاء..؟

**- قال لي الرئيس إسياس انه كلف سليمان الحاج ليجري اتصال مع المعارضة السودانية لأن نحن والإثيوبيين دايرين نتوسط بين الحكومة والمعارضة السودانية، ولذا نريد ان نفتح الحوار مع المعارضة لنكون وسطاء مقبولين. وقال إن الوضع في السودان سيئ وتأثيراته على إرتريا والمنطقة تزداد كل يوم سوءا ونحن ما عندنا مصلحة في انهيار السودان.

وبعد استماعي له علمت بوجود تغيير في موقف الحكومة الإرترية تجاه المعارضة ولكن كنت أعتقد فعلا أنه كان ينوي التوسط بين الحكومة السودانية ومعارضيها.

*- بماذا أثمرت مهمة الاتصالات بالمعارضة..؟

**- بدأت الاتصالات مباشرة بإشراف مباشر من الرئيس الإرتري وتولى مهمة التنفيذ السفير سليمان الحاج وتطورت الاتصالات اشتركت فيها أكثر من جهات إقليمية ودولية.

*- كيف بدأت المعارضة تتوافد إلي اسمرا..؟

 كان عبد العزيز أول المعارضين وصولا إلي اسمرا، ثم تبعه مبارك الفاضل والعقيد جون قرنق وكان أخر من استقبلتهم اسمرا مولانا محمد عثمان الميرغني. ونجح الرئيس الإرتري بعقد لقاء بينهم وكانت زيارتهم لاسمرا سرية. فيما بعد انضم إلي الاجتماع الثلاثي عبد العزيز خالد الذي كان مقربا حينها من الرئيس أفورقي. وكانت علاقته متوترة مع القادة الثلاثة “الميرغني ومبارك وقرنق” كما نجح أفورقي بضم القيادة الشرعية برئاسة الفريق فتحي أحمد خليل واعتقد أن ذلك اللقاء هو الذي حدد موعد عقد مؤتمر اسمرا للقضايا المصيرية في  ديسمبر عام 1995م.

*- كيف تابعت قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين ..؟

**- في الرابع من ديسمبر من عام 1994م تطورت الأحداث بعد إعلان أسمرا تسلل مجموعات مسلحة من السودان إلي داخل إرتريا. ولكن لم أكن أتوقع أن تصل العلاقات إلي قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفي التاسع من ديسمبر أخبروني باستدعاء السفير الإرتري في الخرطوم حينها السفير صالح كيكيا بهدف التشاور. وفي مساء يوم 11 من نفس الشهر أعلنت الحكومة الإرترية عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الخرطوم. وأجرينا لقاء مع وزيري الداخلية والخارجية في إرتريا اللذين أكدا لنا قرار الحكومة بقطع العلاقات متهمين الحكومة السودانية بالسعي لقلب نظام أسمرا وصدر يوم 12 ديسمبر بيان من الحكومة الإرترية يتضمن قطع العلاقات الدبلوماسية بالسودان.

*- كيف تقبلت الحكومة السودانية قرار قطع العلاقات من جانب واحد..؟

**- كان قرار الحكومة الإرترية بقطع العلاقات مفاجئا للحكومة السودانية ولم يعلموا به إلا من الصحف التي نشرت البيان. وما زاد حيرة السودانيين لذلك القرار الذي تزامن مع انتهاء زيارة وفد إرتري رفيع المستوى برئاسة وزير الخارجية الإرتري إلي الخرطوم حيث لم يمضي على الزيارة عشرة أيام. وبالنسبة لي شخصيا حتى ألان لم استطع معرفة دوافع التغيير المفاجئ في السياسية الإرترية تجاه علاقاتها بالحكومة السودانية.

*- هل تعتقد أن التغيير المفاجئ من إرتريا في علاقات البلدين تأتي في إطار حرب الوكالات ضد السودان..؟

**- الشيء الواضح لم يكن لإرتريا مصلحة في ما قامت به ضد الحكومة السودانية. وأن ما تقوم به حاليا يؤكد وجود أجندة خاصة للنظام الإرتري، بينما الدول الأخرى اكتفت بما توصل إليه السودانيون أنفسهم بإقامة ما يعرف بالسودان الجديد. كانت هناك مساعي عديدة لاحتواء الأزمة بين السودان وإرتريا قامت بها بعض الدول وبعض أصدقاء الرئيس الإرتري من السودانيين الذين انحازوا إلي جانبه.

*- كيف تقبلت المعارضة السودانية نبأ قطع العلاقات وماذا كان دورها في ذلك..؟

**- قرار قطع العلاقات كان قرارا خاصا بالرئيس الإرتري، ولم يكن للمعارضة السودانية أو الجبهة الشعبية نفسها أي دور فيه. الجميع تفاجأ بالقرار عبر وسائل الإعلام. وكانت المعارضة السودانية مستفيدة من القرار ووجدت منطقة تتحرك فيها بحرية مطلقة، وبعيدا عن القيود الدبلوماسية باعتبار أن إرتريا دولة مؤثرة على الأمن القومي السوداني ونقلت المعركة إلى مسامع الشعب السوداني عبر شرق السودان. وأنا أعتقد أن الرئيس أفورقي اتخذ هذا القرار لحسابات سياسية شخصية. وصوغ مشروع المعارضة على المستوى العربي والإقليمي والدولي وظهر كشرطي وحامي المصالح الأجنبية واصبح رأس الرمح في مواجهة الحكومة السودانية واشهر سلاح ما يسمى بمواجهة الإرهاب والمهم هنا أن الرئيس الإرتري وجد ضالته في الأزمة السودانية وبرز ضمن اللاعبين الأساسيين بل انتقل ملف المعارضة من دول مهمة مثل ليبيا ومصر إلي اسمرا التي أصبحت مقرا رئيسيا للمعارضة. وسر علاقاته مع بعض الدول الأوروبية وأمريكا ذات الصلة بملف السودان والأمن الإقليمي. وربما يرجع سر قطع العلاقات المفاجئ إلي قراءة الرئيس الإرتري لحسابات بعيدة المدى بأن يتولى يوما ما قيادة المنطقة بعد تفتيت النظام في السودان وهو ما أعلن عنه أفورقي مرارا في احتفالات تخريج مجندي الخدمة العسكرية من معسكر (ساوا) في العام 1996م. حيث ذكر بالحرف الواحد أن ثورة الإنقاذ لن تحتفل بعيدها الـ30 من يونيو عام 1997م. وذلك بحضور عدد من قيادات المعارضة السودانية وجنرالات النظام الذين قطعوا حديثه بالتصفيق. وكان أفورقي وقتها قد اختتم زيارة مهمة إلي أمريكا التي التقى خلالها بالرئيس بيل كيلنتون في أقل من شهر. وكلمة أفورقي أحدثت همز ولمز في الحاضرين معتبرين بأنها رسالة صدرت لتنفيذ مخطط إسقاط النظام في الخرطوم. وبعد عدة شهور وفي يناير 1997 بدأ الهجوم على الحدود السودانية من دول الطوق السوداني تمكنت خلالها المعارضة السودانية بالسيطرة على سبعة حاميات في الحدود الإرترية السودانية وتوغلت إلي ميناء (عقيق) على البحر الأحمر. كما تمكنت المعارضة السودانية من السيطرة على عدد من المدن أبرزها مدينتي “ألكرمك وقيسان” ومناطق واسعة من شمال وجنوب النيل الأزرق على الحدود الإثيوبية. وكذلك أحرزت الحركة الشعبية انتصارات كبيرة في الجنوب. وسرعان ما اعترف الرئيس الإرتري بمشاركة قواته في المعارك ضد الجيش السوداني. وذلك في ندوة مشهورة خاصة لكوادر الجبهة الشعبية. كان يترأسها الأمين محمد سعيد وقامت بنقلها الزميلة هيروت سيمون مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية حيث سارعت الحكومة الإرترية بنفي الخبر الذي أذاعته الوكالة الفرنسية. وأصدرت بيانات في ذلك إلا أننا تعمدنا عدم تكذيب ما نشرته وكالة الصحافة الفرنسية لأن الكل كان يعلم أن ما قاله الرئيس الإرتري هو الصحيح. فبالتالي اتضحت أجندة الرئيس الإرتري وحينها كانت عندي ومعظم الإرتريين في الداخل تحفظات على سياسة الرئيس الإرتري وتدخله في الشأن الداخلي للسودان حيث كانت نقطة الخلاف الأساسية مع النظام الإرتري. وكانت قناعتي بأنه يحارب السودان لحسابات الآخرين وهو ما ذكرته في عدد من اللقاءات التي أجريتها مع تلفزيون السودان في عام 1998م.

*- شهدت في السابق توترات في العلاقات السودانية- الإثيوبية كيف تم احتوائها وماذا كان دورك فيها..؟

** العلاقات الإثيوبية- السودانية ظلت تسير بوتيرة هادئة حدثت انتكاسات على خلفية تداعيات المحاولة الفاشلة لاغتيال الرئيس المصري حسنى مبارك. بالرغم من الخلافات الدبلوماسية التي كانت قائمة، كانت اللقاءات بين قيادة البلدين مستمرة حيث شهدت العلاقات عام 1996م تصعيدا ورفع ملف الخلاف إلي الأمم المتحدة وكانت المطالب محدودة، وهي تسليم المتهمين الثلاثة في المحاولة الفاشلة. وكان السودان ينفي وجود المتهمين على أراضيه إلا أن القاهرة وأديس أبابا كانتا تطالبان السودان بتسليم المتهمين ولكن الجانبين تجاوزا الأزمة وعادت العلاقة تدريجا إلي طبيعتها ووصلت إلي حد التكامل. كانت لنا مساهمات متواضعة حيث قمنا بإدارة حوارات  مع المسئولين السودانيين ونشرت في صحيفتي “إفويتا” الناطقة بلسان الحزب الحاكم وصحيفة “ريبوتز” المستقلة كما قمنا بنشر لقاءات وحوارات مع المسئولين الإثيوبيين في صحيفة الرأي العام السودانية. وقمنا بمجهودات إعلامية حركنا عبرها الدبلوماسية الشعبية. حيث وجدنا دعم كبير من مهندس العلاقات السودانية الإثيوبية السفير عثمان السيد والأب الروحي للجبهة الحاكمة سبحات نقا. والعلاقات بين البلدين في الفترة الحالية تقف على أرضية صلبة وتطورت من التطبيع إلي التكامل.

*- ولكنك لم تحدثنا عن علاقتك بالحركة الشعبية وخاصة د. قرنق..؟

** الحركة الشعبية أثبتت أنها حركة سياسية تحمل مشروع وطني وقومي وحققت الكثير من تطلعات أهل السودان. وأنا سعيد باتفاق السلام الذي تم التوصل بين الحركة والحكومة السودانية. لقد التقيت بالعقيد قرنق مرتين فهو يتميز بذكاء حاد ونظرة ثاقبة، واستطاع أن يحافظ بعلاقته مع دول القرن الإفريقي بالرغم من تعقيداتها. وما أعجبني في سياسته التي انتهجها في الحرب الإرترية-الإثيوبية انه استمات في الحياد. وحافظ بعلاقته مع أطراف النزاع وهو ما لم يتحقق للمعارضة الشمالية التي اتهمت بالميول للجانب الإرتري. ويحيط بقرنق نخبة من المثقفين الجنوبيين، واعتبره من جيل العمالقة حيث أخذ حصته من التعليم وأثقلها بالتجربة العملية في شتى ضروب الحياة المختلفة. وعلى المستوى الشخصي علاقتي بالحركة جيدة ومع بعض القيادات الجنوبية.

*- كيف كنت تغطي أحداث الحكومة والحركة الشعبية..؟

** بطبيعة العمل الصحفي فيما يتعلق بتغطية الأحداث السياسية والحروب من الصعب أن ترضي كل الأطراف قد ترضي طرفا وتغضب الأخر، وباعتباري كصحفي كان لا بد أقوم بنقل كل ما يصل إلي من أخبار، ونتيجة وجودي في المنطقة كنت أنقل أخبار المعارضة بما في ذلك الحركة الشعبية وكنت قد واجهت صعوبات في بادئ الأمر. وخاصة في فترة انعقاد مؤتمر القضايا المصيرية في أسمرا عام 1995م والذي تمخض عنه ميلاد التجمع السوداني المعارض حيث جمعت فيه المعارضة الشمالية والجنوبية. وحسمت فيه القضايا الخلافية كما أن المعارضة الجنوبية وجدت اهتماما من قبل الإعلام العربي بعد دخولها في التجمع حيث كان موقف الدول العربية قبل المؤتمر منحاز إلي جانب الحكومة السودانية إلا أنه اتضح لي أكثر بعد انعقاد مؤتمر أسمرا. كما أنني لعبت دورا ضمن الصحفيين المتواجدين في المنطقة من نشر عدد من اللقاءات والحوارات للمعارضة الجنوبية شمل كل من د. لام أكول ود. رياك مشار وباقان أموم وأول لقاء أجريته كان مع قائد بارز في الحركة وهو باقان أموم قائد لواء السودان الجديد والذي تم إنشاءه من الفصائل الشمالية والجنوبية وكان معسكره في هيكوتا في غرب إرتريا. وكان لقائي الأخر الذي اعتبره من أكثر اللقاءات تميزا مع الدكتور منصور خالد وكلها نشرت في الصحف الخليجية التي كنت أتعامل معها.

*- وما نوع علاقتك بالاتحاد الديمقراطي السوداني..؟

** تاريخيا علاقتي بالاتحاد الديمقراطي كانت هادئة حيث كانت تربطني علاقات متوازنة بشخصيات كبيرة منهم. وذلك بحكم خلفية عائلتي “الختمية” وعلى المستوى الشخصي لم أخفى تعاطفي معهم والتقيت مرات عديدة بمولانا محمد عثمان الميرغني. حيث كانت تسودها المودة بحكم مكانة السيد محمد عثمان الميرغني كما كنت أشعر بالالتزام الأدبي  تجاهه.

*- كيف كانت علاقتك بالاتحاد الديمقراطي في وجود مولانا محمد عثمان في أسمرا..؟

** كانت تتسم علاقتي بالمعارضة السودانية بشكل عام بالهبوط والصعود من حين لأخر إلا أنها كانت مع الاتحاد الديمقراطي تسير بوتيرة تكاد تكون واحدة. حتى أنه بعد توتر علاقتي بالحكومة الإرترية لم تتغير علاقتي بالاتحاد الديمقراطي. حيث كان هناك جنود مجهولون حافظوا على علاقتي بالاتحاد الديمقراطي. حيث كانوا يقومون باحتواء أي تباينات أو سوء فهم قد يطرأ في علاقتي بهم والفضل يرجع لأخي وصديقي العميد محمد المأمون ود الترابي مدير مكتب مولانا محمد عثمان الميرغني.

*- كنت أول صحفي نشر له تحقيق وحوار في صحيفة الخرطوم عن المعارضة السودانية ما هي علاقتك بالضبط بها..وكيف تمت تغطية ونشر أخبار المعارضة لصحيفة الخرطوم.. ؟

** أسمرا كانت أول نافذة لنشر أخبار المعارضة السودانية ونشرت آنذاك سلسلة من اللقاءات والحوارات في مايو عام 1996م. وكان أكبر تحقيق نشرته في صحيفة الخرطوم عن المعارضة السودانية في ذلك الوقت وذهبت بنفسي إلي القاهرة والتقيت بالدكتور الباقر محمد عبد الله رئيس مجلس دائرة الخرطوم ورئيس التحرير فضل الله محمد ويعتبر من أميز الصحفيين السودانيين إلا أن معظم الاتصالات والعلاقات مع الصديق فيصل محمد صالح مدير التحرير لصحيفة الخرطوم سابقا ورئيس تحرير الأضواء حالياً التي تصدر في الخرطوم ولكن كانت بداية قنوات الاتصال عن طريق أستاذي وصديقي محمد عوض وهو صديق شخصي لي واعتبره صاحب فضل ومدين له بالشكر. وكان يتعامل معي أثناء توتر الأحداث وكان يقوم بتلطيف الأجواء واحتواء المشاكل التي كانت تواجهني. ويقوم بإيجاد الحلول لها وتوظيفها لصالحى ومن ضمن هذه المواقف كان له دور الملطف بيني وبين الحكومة الإرترية.  ومشهود له بالمواقف التي لم أنساها له أثناء التوتر في علاقتي بيني وبين حزب الأمة. حيث قام بدور المهدئ للأجواء بيننا. وكان يعتبر نافذتي نحو صحيفة الخرطوم وكان صديق الدكتور الباقر وفضل محمد وهو ضمن الكتاب الأساسيين في الصحيفة.

وأقنعني بأن انشر أكبر لقاءاتي وحواراتي في الصحيفة، لأن الأخبار واللقاءات من الصعب أن تنشر في الصحف الخليجية لأن هذه اللقاءات كان فيها تحامل على الحكومة السودانية. وبعد ذلك أجريت حوارات وتحقيقات مع قيادات المعارضة السودانية، عقب انتقالها إلي أسمرا التي أصبحت المقر لهم ونشرت سلسلة من اللقاءات في مايو 95وكان أول لقاء في 9 مايو 1995 مع الرئيس الإرتري إسياس أفورقي كان لصالح صحيفة الخرطوم وكان الحوار أول لقاء مفتوح لقراء الصحيفة من الحكومة الإرترية.

واذكر أن هذا اللقاء أحدث الكثير من التغيير حيث كان معظم القياديين قلقين من تغيير موقف الحكومة الإرترية تجاههم. وبعد هذا اللقاء تم تصنيف الصحيفة من قبل الحكومة السودانية بالموالية للمعارضة. وعلى ما اذكر بإمكان المهتمين والمتابعين أن يراجعوا العدد 88 من صحيفة الخرطوم الصادرة بتاريخ الـ9 من مايو عام 1995م. بعنوان لقاء وحوار مع الرئيس الإرتري حيث حاورته آنذاك في اسمرا.

وكنت قد أوردت في مدخل اللقاء العلاقات السرية بين الجبهتين. واعترف فيها الرئيس الإرتري بدعم الحكومة الإرترية للجبهة الإسلامية في علاقتها الإقليمية والدولية. وكان أثناء الحوار متحررا من القيود الدبلوماسية وتحدث بكل صراحة اعترف فيها وأقر بأنه كان لهم دور في مساعدة الجبهة الإسلامية للوصل إلي السلطة. ثم أكد إستراتيجية العلاقات مع المعارضة السودانية والاستمرار في الدعم حتى إسقاط الحكومة في الخرطوم وقال بعد أن فشلنا في إقناع الحكومة بالاتفاق مع المعارضة اضطررنا بدعم المعارضة النظام. وأنكر أفورقي في حواره دعم السودان للثورة الإرترية وقال أن السبب في خلافه مع الحكومة السودانية إلي دعم من سماهم آنذاك بالجماعات الأممية الإسلامية. وأشار أفورقي إلي أنه لا يتخوف من مليون مجند في معسكرات الدفاع الشعبي والجبهة الإسلامية ليس لها تجربة في إدارة الحروب. وقال بلغة واثقة ” أنه لولانا لما وصلت الجبهة الإسلامية إلي مقاليد السلطة”

لأن الثورة الإرترية أسقطت نظام منغستو وثبتت حكم نظام الجبهة الإسلامية، وبهذا اللقاء فتحت سلسلة من اللقاءات مع مسئولي الحكومة الإرترية ومن أبرزهم محمود شريفو والأمين محمد سعيد وعلى سيد عبد الله وبطروس سلمون. وكانت عبارة عن تأكيد لما أعرب عنه الرئيس أفورقي ليس إلا. والجزء الثاني من اللقاءات شملت قادة المعارضة السودانية ومن أميزها الصديق المرحوم عمر نور الدائم ونشر لقاءه في الصحف الخليجية. وقد تم أول لقاء بين المرحوم عمر نور الدائم ومبعوث إسياس أفورقي السفير سلميان الحاج ومبارك الفاضل بأديس أبابا في فندق هيلتون وكان بتاريخ 29 من نوفمبر عام 1994م. وفوجئوا أن السفير السوداني عثمان السيد قد اكتشف موعد اللقاء، واضطررنا بتغيير المكان حيث تم في أحد فلل أديس أبابا. واستمرت هذه اللقاءات وكنت على علم بتفاصيلها لأن الثقة بيني وبين المرحوم عمر نور الدائم كانت كبيرة جدا لأنه كان يتعامل معي بشفافية عكس النظام الإرتري الذي يعطي الشيء ويخفى الباقي. وبعد أسبوعين من اللقاء تم ترتيب لقاء آخر لمبارك الفاضل بإسياس أفورقي وكانت هناك حساسية بين إسياس ومبارك الفاضل لأن أفورقي يتهم مبارك باعتقاله حينما كان وزيرا للداخلية في حكومة الأحزاب.

*- بماذا أثمرت اتصالات مبعوث أفورقي السفير سليمان الحاج مع المعارضة السودانية..؟

** كل ما أتذكره أنه بعد اللقاء في نفس اليوم، اتصل مبارك الفاضل بجون قرنق الذي كانت تربطه به علاقة جيدة، وكان التقارب واضحا بين الحركة الشعبية وحزب الأمة. وبعث السفير سليمان الحاج رسالة إلي مولانا محمد عثمان الميرغني يدعوه فيها للاجتماع في أسمرا وتم دعوة عبد العزيز خالد قائد قوات التحالف. وأسفرت الاتصالات التي لعب فيها سليمان الحاج ومبارك الفاضل وعمر نور الدائم دور أساسي وشارك يفها د/ قرنق عن التوصل إلي عقد اجتماع تشاوري اتفقوا فيه علي التوقيع على وثيقة الاتفاق بين فصائل المعارضة الأربعة بتاريخ 24ديسمبر عام 1994م. وتزامن اتفاق المعارضة بعد 12 يوم من قطع العلاقات الدبلوماسية بين أسمرا والخرطوم. وتم في هذا الاتفاق التأمين على الخيار العسكري لإسقاط النظام في الخرطوم. وكان لقاء عمر نور الدائم في صحيفة الخرطوم بتاريخ 6 مايو عام 1996 أعلن فيه تبني المعارضة السودانية الخيار العسكري ومنازلة الجبهة الإسلامية حيث قال عمر رحمه الله أنهم قبلوا دعوة الجبهة الإسلامية للمنازلة العسكرية. وقال أنه أرغم لحمل السلاح لمواجهة نظام الخرطوم.وكان له القدح المعلى والدور الكبير في فتح معسكرات التدريب في هيكوتا وساوا.

*- ماذا عن علاقتك بالعميد عبد العزيز خالد قائد قوات التحالف السوداني..؟

** كان بالنسبة لي سبقا صحفيا حينما أعلن وقتها العميد عبد العزيز خالد العمل المسلح والانتفاضة العسكرية حيث أنه كان ينتمي إلي المؤسسة العسكرية وهو من شمال السودان وإعلانه بالانتفاضة المسلحة من شرق السودان أحدث ردود فعل متباينة. وكان للأحزاب التقليدية تحفظات في ذلك. والقيادة الشرعية سجلت تحفظات على خيارات عبد العزيز خالد الذي كان يحظى بدعم مطلق من الرئيس الإرتري. وأنا بدوري أدرت معه حوارا أحدث جدل واسع لتبنيه خيار إسقاط النظام في الخرطوم.

ومن خلال المقابلة معه نقلنا كل التطورات التي كانت تحدث في معسكرات التدريب في ساوا وكان التنظيم الوحيد الذي يجد رعاية خاصة وسمح له بالتدريب في معسكر التدريب حيث كانت قوات التحالف نموذج مشابه للجيش الإرتري فيما منحت بقية فصائل المعارضة معسكرا تدريبيا في هيكوتا كانت فيه قوات الحركة الشعبية وحزبي الاتحاد الديمقراطي والأمة، وكنت  ضمن أول فريق صحفي يزور تلك المعسكرات ونقلنا المشاهد كما هي حيث أن الحكومة الإرترية سهلت لنا المهمة، معتبرة ذلك بأنه يخدم توجهها السياسي ضد الحكومة السودانية. فيما قام المرحوم نور الدائم بتسهيل المهمة الكاملة في عملية النقل إلي المعسكرات. وكوني إرتري لم تواجهني مشكلة في مخاطبة رجال الأمن الذين فرضوا الطوق على مداخل معسكرات التدريب ولكن من حظي أن الصحف الإرترية كانت قد نشرت لقائي مع الرئيس الإرتري نقلا من صحيفة الشرق القطرية فكانت الصور التي التقطها مع الرئيس الإرتري بمثابة عصا موسى حيث كانت ترفع عني الحواجز الأمنية التي كانت تحيط بكل معسكرات التدريب والتي كانت تقضي بمنع الزيارات باستثناء مسئولي أجهزة الأمن الإرترية المكلفين من الملف السوداني وبصحبة عمر نور الدائم تجاوزنا حقول الألغام التي نسفت بعد سيارات ما بين هيكوتا وبارنتو وكانت حينها قد نشطت العمليات العسكرية في غرب إرتريا حيث كان يمنع التحرك بعد الغروب من كرن إلى أغوردات – بارنتو- تسني التي كانت محطتنا الأخيرة وكان في استقبالنا العميد عبد العزيز خالد، ومن سخريات القدر أن زيارتي لمعسكرات المعارضة السودانية أتاحت لي فرصة لزيارة مدن إرترية لم أراها من قبل مثل كرن وأغوردات بارنتو وتسني وهيكوتا وانتهت جولتنا إلي معسكر ساوا برفقة العميد عبد العزيز خالد الذي عرفني بمعسكر عبد الفضيل آلماز التابع لقوات التحالف السودانية. وللمرة الأولى شاهد السودانيين عبر صحيفة الخرطوم المرحوم العميد عبد العزيز النور نائب العميد عبد العزيز خالد والذي توفي في عام 1999م، وهو من الشخصيات النادرة. وكان يحظى باحترام كبير من قبل المؤسسة العسكرية السودانية المعارضة حيث كان قبل انضمامه لمعسكر المعارضة قائدا لحامية كسلا، وكانت الحكومة السودانية قد ألقت القبض عليه لاتهامه بمحاولة انقلاب ضدها وصدر عليه حكما بالإعدام إلا أنه عدل إلي السجن المؤبد وتم إصدار العفو عليه عام 1995م ومن المفاجئات التي حدثت اللقاء الذي أجريته معه من معسكرات التدريب في إرتريا حيث كان له صدى واسع في الأوساط السودانية حيث كان يتمتع بمكانة متميزة في المعارضة.

*- ماذا عن الحوارات التي أجريتها مع قيادات المعارضة الأخرى..؟

** كان الشغل الشاغل لنا في إرتريا تغطية أخبار المعارضة السودانية باعتبارها مادة حية في ذلك الوقت ومن أبرز من التقيت بهم الفريق فتحي أحمد على حيث كان آخر قائد للقوات المسلحة السودانية قبل مجيء ثورة الإنقاذ ومن ثم كان نائبا لرئيس التجمع السوداني المعارض والقائد العام للقيادة الشرعية وأعلن تمسكه بالجيش السوداني في الداخل والخارج. وقال في الحوار الذي أجريته له في صحيفة الخرطوم بتاريخ 28/6/1996م، قال أنه لا يعترف بحكومة الإنقاذ ويتمسك بالحكومة الشرعية المنتخبة عام 1986م وكشف عن خلافاته بعبد العزيز خالد الذي تمرد على القيادة الشرعية وأعلن تنظيم التحالف وتحدث عن علاقته بالحركة الشعبية وبقية الأحزاب وأعلن معارضته للمواجهات العسكرية بين المعارضة وحكومة الإنقاذ ورحب بالانتفاضة الشعبية وأكد على إنهاء الخلاف مع الحركة الشعبية ونفي الخلافات التي كانت تعصف بالتجمع المعارض حينها، وسجل تحفظات على تحركات عبد العزيز خالد، عموما هذه هي الأحداث المهمة التي عايشتها كصحفي في تلك الفترة.

*حزب الأمة*

 

*- نريدك أن تحدثنا عن بداية العلاقة مع حزب الأمة..؟

** أول علاقة مع حزب الأمة بدأت في نهاية 1994، وكان أول لقاء مع المرحوم عمر نور الدائم ومبارك الفاضل وتطورت العلاقات بسرعة واصبح حزب الأمة مصدر مهم بالنسبة لي لتغطية أخبار المعارضة وتحولت علاقاتي إلي علاقات خاصة مع عمر نور الدائم وصديق بولاد. وأدرت معهم حوارات ونشرت لقاءاتهم وتطورت العلاقات، وبعدها أصبح حزب الأمة من اقرب القوى السياسية السودانية إلي كما لا أنسى الدور الذي قام به حزب الأمة في تغذيتنا بالأخبار، وشكلنا في نهاية المطاف فريق متكامل من مكتبي أديس أبابا وأسمرا لحزب الأمة وتم التنسيق بينهم، وبعدها تطورت العلاقة وأصبحت الصداقة بيننا ولا سيما مع عمر نور الدائم وصديق بولاد وهذه العلاقة مكنتني بأن أكون أول صحفي نشر نبأ خروج صادق المهدي من الخرطوم في عملية تهتدون وانفردت صحيفة الاتحاد الإماراتية بهذا النبأ.

*- ماذا عن علاقاتك بحزب الأمة؟

** معلوماتي كانت محدودة عن حزب الأمة وكان هناك اعتقاد أن بعض قيادات حزب الأمة وعلى رأسهم الصادق المهدي ومبارك الفاضل لم يكونوا متحمسين للثوار الإرتريين وهو الانطباع الذي كان سائد حينها في أوساط الصفوة الإرترية. كما أن فترة حكم الصادق المهدي كانت تشهد تحسن العلاقات مع الأنظمة الإثيوبية حيث عمقت هذه التكهنات في وسط الإرتريين بالإضافة إلي ميول بعض قيادات حزب الأمة في السابق إلي الإمبراطور هيلاسلاسي والذي كانت تربطه علاقات خاصة مع أسرة المهدي التي لجأ إليها مرتين خلال الغزو الإيطالي وخلال محاولة انقلاب من منجستو نواي وفي المرتين استطاع أن يعود إلي حكمه من الخرطوم. كما أقام بعض قادة الحزب علاقات مع نظام منغستو خلال خلافهم مع نظام نميري. وكان موقف الأمة عكس موقف الأحزاب الأخرى مثل الإسلاميين الشيوعيين والاتحاد الديمقراطي هؤلاء كان موقفهم واضح في دعم الثورة الإرترية . كما أن أنه كانت قيادات حريصة في حزب الأمة تدعم القضية الإرترية أمثال المرحوم عمر نور الدائم.  ولكن من الصعب تبرير اعتقال قادة الثورة في عهد الصادق المهدي عام 1987م وكانوا من أبرز المعتقلين الشهيد عثمان صالح سبي، عبد الله إدريس، أحمد ناصر، ولهذا كان من الصعب إيجاد المسببات المقنعة للاعتقالات.

وتم إطلاق سراح المعتقلين بعد تدخل عدة جهات من السعودية والإمارات وقطر والعراق وسوريا وكان وزير الداخلية في تلك الفترة مبارك الفاضل. إلا أن المضايقات على الإرتريين كانت واضحة بالتحديد في كسلا. وكانت لي إسهامات متواضعة في نشر الأخبار التي كانت تصل إلينا من الخرطوم وفي بعد الأحيان مباشرة عن طريق المرحوم الشهيد عثمان صالح سبي الذي كانت تربطه علاقات وثيقة برؤساء الصحف العربية والخليجية، التي انتقدت الحكومة السودانية بشدة لاعتقالها قادة الثورة.

*- هل كان ذلك سببا في فتور علاقتك بحزب الأمة..؟

** أولاً دوري كان محدود كنت إنسان بسيط لم أصل إلى مستوى حزب الأمة ونتيجة الأحداث التي دفعت بي إلي ما أنا عليه وأي إرتري كان يرفض إساءة قيادته بالأسلوب الذي وصل إلي مسامعنا حينها. بالإضافة إلي وجود بعض المأخذ التي لا ترقى إلي جعلها سلاح للخصومة وأصبح ذلك في ذمة التاريخ وحقيقة أن حزب الأمة رقم مهم لعب دورا مهما في الحياة السياسية في السودان له إيجابياته وسلبياته ولكن بطبيعة الحال فان السلطة لها التزاماتها. مثلي مثل غيري كان تفكيري عاطفيا، فالسياسة دائما ترعى المصالح وأعتقد كانت هناك ظروف ملف الجنوب وإثيوبيا دائما تضع يدها على الجرح. الآن أرى أن تحاملي فيه كثير من الإجحاف وغير منطقي، فحزب الأمة كان يتعامل بدبلوماسية المصالح.

*- لماذا انتكست العلاقة بعد خروج الصادق المهدي..؟

**  بعد خروج السيد صادق المهدي في عام 1996 إلى أسمرا انفردت بتغطية الحدث ونشرت حينها خبر المانشيتات في عدد من الصحف التي كنت أتعامل معها وعلقت في إذاعة الـ بي بي سي وتلفزيون MBC الذي تعد من أهم الفضائيات،ووجدت تعاون لتغطية الحدث من المرحوم عمر نور الدائم  وصديق بولاد. حيث ساعدوني في خلفية حزب الأمة والصراع السياسي في السودان حيث كانت معلوماتي متواضعة. كما وجدت تعاون كبير من الجانب الإرتري الذي أشرف على عملية الخروج وكانت المهمة منحصرة في شخصين هما محمود شريفو وودي كاسا. وكان هناك قلق من تسريب معلومة هروب السيد الصادق المهدي سوى أكان من المعارضة أو غيرها. وحسب ما أتذكر إن عملية الهروب شاركت فيها أمريكا عبر سفارتها في أسمرا والقاهرة لأن خطة الهروب سلمت عبر السفارة الأمريكية في الخرطوم فكانت العملية فيها الكثير من السرية التي تمت عن طريق عرب البطانة عبر الشوك وصولا إلي تسني وثم انتقل إلي أسمرا. وأنا أتذكر أول مؤتمر صحفي عقدته معه كان في فندق نيالا بأسمرا في 1996، حيث قال أنه فاجأ أهلنا الإرتريين بالوصول إلي تسني كما خدع الحكومة السودانية وقال أنه قرأ عليهم آيات قرآنية (وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم لا يبصرون) “الآية” العملية تمت بجهود حزب الأمة وقواتها الخاصة. وقال إننا قمنا بتنفيذ عملية الهروب وعدم الإشارة إلى الجانب الإرتري أغضب المسئولين الإرتريين. وتزامن وصول الصادق المهدي إلى أسمرا مع زيارة أفورقي لواشنطن. وبعد المؤتمر الصحفي صافحت السيد الصادق المهدي وعرفني به عمر نور الدائم وهو صديق الطفولة للسيد الصادق حيث قدمني بصورة جميلة أخجلت تواضعي. وتم الاتفاق على الموعد في اليوم الثاني في التاسعة صباحا بمنزل نور الدائم بحي ترافولو بأسمرا، حيث كان ينتظرني قدر لم أتوقعه، وكان أن أحدث تغيير في كل الثوابت.

*- ثم ما ذا بعد؟

** في يوم الذي كان لدي موعد مع الصادق المهدي ذهبت إلي منزل شيخ العرب عمر نور الدائم الساعة 9 وكنت جاهزا لأجراء لقاء معه لصالح جريدة الاتحاد الإماراتية. وفوجئت بهجوم عنيف في مدخل المنزل من المرحوم عمر نور الدائم وقال لي تم إلغاء المواعيد. وحاول بعض الأشخاص الاعتداء على بالضرب ولكن المرحوم حال دون ذلك وكان مبارك الفاضل ونجيب الخبير من اكثر الغاضبين وبعض شباب الأمة المتحمسين ولم أصدق ما رأيته بأم عيني وكنت في حالة من الذهول للتغير المفاجئ ولم أستطيع فهم ما يجري. وحاولت أن أعرف التغيير المفاجئ ولم يكن أمامي سوى أن أبتعد من المنزل واتجهت نحو السيارة التي كانت في انتظاري وشاهدت من على البعد زميلي العزيز صديق يولاد وحينما جئته، ولاحظت اختفاء البسمة من شفتيه إلا أنه تمالك نفسه من الغضب. وأنا اعتبره جسرا بيني وبين حزب الأمة ، وقال لي يا توكل لماذا عملت ذلك وقلت له ما ذا فعلت قال لي لا تعرف ما فعلته.. الكلام الذي كتبته عن السيد الصادق المهدي قلت له لم أفعل شيء ومن ثم أخرج ورقة من جيبه وقال لي لم تترك شيء للسيد الصادق، وبعد هذا الكلام عرفت سر هذا التغيير المفاجئ وبعدها قلت له أنا أسف لتسببي الحرج الشديد لك ولشيخ العرب نور الدائم وطلبت منه أن يلعب دور الملطف لهذا الموقف الحرج للمحافظة على العلاقة بقدر ما تستطيع.وقلت له لا بد أن تعلم شيئا واحدا أولا هذه الورقة ليست للنشر ثانيا تم إعدادها من فريق كبير في الحكومة الإرترية وأنا فعلا شاركت في التقرير وأتحمل مسئوليته ولكن ما دام أن الورقة سربت إليكم فالحكومة الإرترية لها أجندة أرادت من ورائها ابتزاز السيد الصادق المهدي فانتم حافظوا على علاقتكم مع الحكومة التي ضربت هدفين في أن واحد سببوا لي حرج وتشويش علاقتي بحزب الأمة والمعارضة عامة. وهناك مجموعة داخل الحكومة الإرترية تقف ضدي ومنزعجة من علاقتي بالمعارضة وقلت لصديق بولاد المسئول الإعلامي في حزب الأمة لا أستطيع أكثر من ذلك ولكن هناك شيطان ما دخل ومن الصعب إخراجه.

*- وكيف تعاملت بعد ذلك مع هذه الورطة..؟

** ذهبت مباشرة إلى الخارجية الإرترية وكان هنالك لقاء مع عدد من المسئولين منهم شريفو وبيطروس سلمون وأحمد دحلي وحامد حمد وصالح كيكيا وشرحت لهم ما حدث بيني والصادق المهدي وسألتهم كيف وصل التقرير ليد الصادق. ما لاحظته أنهم أجمعوا على الاستنكار وعلمت فيما بعد أن الطريقة التي سربت بها، وكانت بدرجة من الخبث والبراءة في آن واحد من الشخص الذي مررها. وكان مكلفا في إطار التعاون بإيصال أي تقرير أو قصاصات من الصحف إلي المعارضة. وحاول صالح كيكيا أن يحتوي الأزمة ولكن بعد أن وقع الفأس على الرأس وفشلت مساعي قام بها مسئولين كبار في الحكومة لاحتواء الأزمة كما أن أي وساطة بيننا باءت بالفشل. وأصدر حينها مبارك الفاضل الأمين العام للتجمع أمرا يمنع التعامل معي باعتباري صحفي تابع للجبهة الإسلامية. وقال مبارك أن التقرير المكتوب سربته المخابرات السودانية وقال أن توكل قام بنشره بعد أن استلم مبالغ من السفير عثمان السيد مما جعلنا نقرر عدم التعامل معه. وأحدث قرار مبارك ردود فعل متباينة حيث رفض قرار مبارك كل من قوات التحالف والاتحاد الديمقراطي وأجريت لقاء مع عبد العزيز خالد ومع د. فاروق أحمد أدم أمين الإعلام في التجمع المعارض واستطعت الالتفاف على قرار مبارك وانتقلت المعركة داخل التجمع. وكان عبد الله جابر مسئول ملف المعارضة السودانية في الحكومة الإرترية أول من أيد قرار مبارك الفاضل. وفي جلسة كان فيها أكثر من أربعة أشخاص قال عبد الله جابر أننا سنقوم بتربية توكل في معسكر ساوا، وقال أنه لن يخرج من هذه الورطة. وليس هناك أي وساطة ستشفع له وقال أن غلطة الشاطر بألف، وللأسف فان بعض المعارضين السودانيين صدقوا كلام عبد الله وأتوا للاعتداء على في فندق نيالا. ولكن من حظي كان عدد من المسئولين في الحكومة الإرترية حيث شاهدوا المنظر وتطور الخلاف وأنا اضطررت بأن أنشر التقرير إلي الصحف بعد أن ضمنت حياد الرئيس الإرتري في الخلاف بيني وبين الصادق المهدي وقال لي أفورقي أن هذا التقرير لا يوجد فيه جملة غلط ولكن كيف وصل إلي المعارضة. توكل حل مشكلتك مع حزب الأمة ولم يتمكن المسئولون من إقناع الصادق المهدي لحل المشكلة. وقال أفورقي نحن كنا جزء من المشكلة ولهذا سنلتزم الحياد وهذه الكلمة حررتني من الضغوط الكثيرة ومباشرة نشرت التقرير وهو تصور لخروج الصادق وما سيحدثه على المستوى السوداني والإقليمي من تغيير وتأثيره على الحكومة السودانية. وتناولت علاقة السيد الصادق بدول الجوار.وذكرت في تقرير إن علاقة السيد الصادق المهدي بإرتريا والحكومة الإرترية وسياساتها السابقة سيئة. وذكرت أن علاقته بالحكومة الإثيوبية كذلك سيئة وبنفس القدر مع كل من كينيا والسعودية وأوغندا ومصر.واختتمت تقريري بتناول علاقات الصادق مع الميرغني وجون قرنق.

*- كيف عادت علاقتك إذا بحزب الأمة بعد ذلك ..؟

** استطعنا تجاوز تلك الحادثة اللعينة والحكومة الإرترية لعبت فيها دور أساسي وهي ربما تكون تعمدت من خلال تسريب التقرير توجيه إساءة إلي السيد الصادق المهدي وإفساد الفرحة لدى حزب الأمة بخروجه من السودان. وأنا فعلا بعد فترة اكتشفت إن العملية كانت متعمدة ووجهوا ضربتين في آن واحد الأولى لشخصي والثانية للصادق المهدي. وأنا فعلا أخطأت في حق السيد وقدمت له اعتذار والتقينا للمرة الأولى أثناء زيارة وفد التجمع السوداني إلي أديس أبابا بوساطة عبد العزيز خالد. وتجاوزنا ملابسات تلك المشكلة وكان لنا لقاء ثاني في نوفمبر 1999 في أديس أبابا شيراتون حيث التقيت بالسيد الصادق المهدي بحضور صديق بولاد وعمارة صالح حمدي وشاركت في الاتصالات التمهيدية لاتفاقية نداء الوطن التي وقعت بين الحكومة السودانية وحزب الأمة برعاية الرئيس الجيبوتي إسماعيل جيلي في نوفمبر 1999.

وبعد انتقال الحزب إلي الخرطوم كنت أقوم بزيارة السيد الصادق المهدي ومبارك الفاضل والمرحوم عمر نور الدائم واتصالي مستمر على مختلف المستويات مع حزب الأمة. وما اكتشفته أخيراً أن الحكومة الإرترية دست لي السم في العسل.

وكان تعليقا قد نشرته إذاعة الـBBC  وتلفزيون الـ MBC واذكر هنا مقتطفا منه

(ما بين هروب رئيس الوزراء السوداني السيد الصادق المهدي من الخرطوم ووصوله لإرتريا قائمة طويلة من علامات الاستفهام وغموض وظلال من الشكوك.. فكيف استطاع ركب المهدي والذي يتكون من رتل من السيارات وجيش من المراقبين اجتياز مسافة تقارب الألف كيلو متر دون علم الأجهزة الأمنية وكيف فات لها وتحديدا أجهزة الدائرة والطاقم المسئول عن متابعة تحركات المهدي لحظة بلحظة وهل من المعقول أن تتجاهل أمر اختفاء كالصادق عن دائرة رصدهم لساعات قليلة دعك عن اختفائه لنصف يوم كامل.. فمن المنطقي في مثل هذه الحالات أن اختفاء المهدي ولو لساعة واحدة كانت كافية بإحداث بلبلة وسط أجهزة الأمن والاستخبارات السودانية الأمر الذي يعني حالة استنفار قصوى  داخل الأجهزة الأمنية منذ لحظة اختفائه وبالتالي مراقبة كل المعابر الداخلية والمنافذ الحدودية. أضف إلي ذلك أن خروجه كان عبر الشريط الحدودي الشرقي الذي شهد وتحديدا في أيام خروجه تواجدا عسكريا مكثفا. فهل حملت العناية الإلهية الصادق ومرافقيه في طبق طائر وأنزلتهم داخل إرتريا.. أم كان الصادق في تابوت سليمان أم كان حاملا لعصا موسى.. أم لا هذا ولا ذاك بل هناك تواطؤ وضلوع لأجهزة النظام في العملية وأن النظام كان على علم بخروج الصادق وفتح له الأبواب).

*- وماذا عن علاقتك بالحكومة السودانية..؟

** فيما يتعلق بالحكومة السودانية علاقتي بها بدأت في وقت متأخر لأسباب منطقية منها انقطاعي عن السودان لأن الزيارة تخلق نوع من التواصل ولأن زيارتي للسودان في عام 1976م كانت زيارة عابرة إلي القاهرة. بعدها لم تأتي مناسبة لزيارة السودان حيث تكررت في ديسمبر عام 1998م ضمن وفد مشارك في مؤتمر للاجئين حيث كان أولا مؤتمر تابع لمنظمة الوحدة الإفريقية تستضيفه الخرطوم.

*- لماذا لم تغطي أخبار الحكومة حيث كنت تحرص على نقل أخبار المعارضة..؟

** حقيقة كانت أخبار الخرطوم يتم تغطيتها عبر الزملاء وهم أشخاص لديهم خبرة تكاد تكون بنصف عمري وبدأت عملي في منطقة كان فيها فراغ كبير للإعلام العربي. في البداية كنت أقوم بتغطية أخبار البلدان التي كانت تعيش في شهر عسل لأن الأنظمة بين البلدان الثلاثة كانت ممتازة فيما بينها. وبعد المسئولين الإرتريين قاموا بترتيب اللقاء مع الشيخ الترابي وكذلك المسئولين الإرتريين رتبوا لي لقاء مع المسئولين الإثيوبيين وفي الحقيقة كما يقال في السياسة ليس هناك صديق دائم وعدو دائم، بل أنما مصالح دائمة ووجدت نفسي وسط الأمواج المتقلبة حيث فوجئنا بانقطاع العلاقات بين اسمرا والخرطوم. ولم أكن من المتحمسين لهذا التدهور غير المتوقع. وكنت من المؤملين لإيصال هذه العلاقة إلي مراحل متقدمة. ولم أكن مصدقا لما كان يجري حولي. فحاولت امتصاص الخلافات في الأخبار التي كنت أنشرها، بالرغم من التصريحات والعنفوان والهيجان الإرتري الذي كان يزيد الطين بلة. وحاولت تخفيف حدة اللهجة التي كانت تصدر من المسئولين الإرتريين. ولا سيما تصريحات إسياس التي كانت فيها اعتداء واضح على الشعب والحكومة السودانية. إلا أن بعض صحفيي المعارضة وجدوا فرصة ذهبية وحاولوا استثمارها وقاموا بالدور الذي يصب الزيت في النار. ولم يكن أمامي مع تصعيد الخلاف سوى مجاراة زملائي من الصحفيين المعارضين الذين توافدوا بالعشرات إلى أسمرا، لكي يهيجوا الوضع ولم يعطوا فرصة للوسطاء والمساعي التي كانت تبذل من عدة جهات. وبهذا وصلوا إلي غاياتهم التي كانوا يرمون إليها وهو حسم الصراع مع الحكومة السودانية لصالحهم. وما كتبته في تلك الفترة عبارة عن تحليل أخباري في الشرق القطرية بتاريخ 12/12/1994م رصدت فيه أحداث العلاقة وقدمت فيها استقراء عن الوضع المتأزم وتمنيات الشعبين لوضع حد لها وبأسرع وقت ممكن. ووجهت نداء إلي الطرفين لكي يلجئوا إلي صوت العقل وتقريري وجد ترحيبا من السفير السوداني بالدوحة السيد عثمان نافع. ولكن استقبل التقرير بفتور شديد من أنصار المعارضة لأن ما تناولته كان يغلب عليه صفة العاطفة كإرتري يحرص على الحفاظ على العلاقات بين شعبي السودان وإرتريا. لأن الحكومة السودانية لديها ما يكفيها من المشاكل والحكومة الإرترية أمامها مهمة صعبة كدولة حديثة لذلك عليهم تجنب الخلافات في ذلك الوقت. والدخول في مواجهة مع الاتجاه الإسلامي عامة غير مفيد لإرتريا. لأنها كانت آنذاك قد خسرت القوميين العرب نتيجة علاقاتها مع إسرائيل. وأنا كصحفي مهتم ومتابع للأحداث كنت أعلم أن إرتريا سوف تخسر الجانبين القوميين العرب والإسلاميين، آجلا أم عاجلا، لان إرتريا كانت ضمن اليساريين وبعد الخلاف مع السودان أصبحوا منحازين إليها ففي البداية كان هناك مجرد تعاطف من الكتاب اليساريين والعلمانيين، وفيما بعد أصبحوا في خط واحد وأقول  جازما أن قراءاتي في ذلك الوقت كانت قراءة ميدانية صحيحة قبل أن تلتقط الحكومة الإرترية أنفاسها فتحت جبهة جديدة مع اليمن وكل هذه العوامل جعلت مهمتي أن تكون تغطية الأحداث من ناحية خبرية وعلاقة إرتريا مع السودان أصبحت في مهب الريح. والعلاقات الخليجية الإرترية أصبحت خارج السيطرة. أنا والكثيرين من المتابعين للشأن الإرتري أصبحنا لا نملك ما تتجه إليه الأمور والطريقة التي تدار بها علاقة إرتريا مع دول الجوار.

*- كيف كان أول اتصال لك بالحكومة السودانية..؟

** بدأت العلاقات مع السفير عثمان نافع بالدوحة ومن ثم فتحت قنوات الاتصال التي تطورت عن طريق السفير عثمان السيد بأديس أبابا وله دور كبير في تطوير علاقتي بالحكومة السودانية وتم أول لقاء مع الدكتور قطبي المهدي ولقاء أخر جمعني بصديقة مدني الحارث والذي كان يعمل في السلك الدبلوماسي السوداني في أديس أبابا وجيبوتي. كما أن السفير عثمان السيد رتب لي لقاء هام وتاريخي مع السيد على عثمان محمد طه بأديس أبابا. واستمرت الاتصالات فيما بيننا. وفي 22/2/1995م حدثت مواجهات مع الشيخ الترابي خلال مؤتمر له بفندق شيراتون الدوحة،  وتحدث الشيخ عن الخلافات الإرترية السودانية وأسهب في الحديث وقال لولا الجبهة الإسلامية لما تحررت إرتريا وقال نحن أسقطنا نظام منغستو ونعتبر أنفسنا أصحاب فضل في إيصال أفورقي إلي السلطة وزيناوي وموسفيني وكلام الشيخ كان مستفزًا لي وكنت أول المعقبين على حديثه. وكان ردي فيه نوع من التطرف وأكدت له أن إرتريا تحررت بسواعد أبنائها وبدم الشعب الإرتري وقلت له عليك أن تسحب ما قلته لأنه يعد تطاولا على الشعب الإرتري. ونظام منغستو سقط بكفاح الشعب الإثيوبي في إثيوبيا. وقلت له أثناء المؤتمر الصحفي الذي نشرته آنذاك عدد من الصحف الخليجية وخاصة صحيفة الشرق القطرية. بدلا من تحرير إرتريا وإثيوبيا كان أولى لكم أن تحرروا جنوب السودان. وكشفت له أنه كان للإرتريين دور في تحرير مدينة ألكرمك عام 1989م وكان بجانبي الزميل الصحفي العذب الطيب وهو من كبار الصحفيين العرب حيث لاحظ أني تجاوزت حدودي في التعقيب، طلب مني السفير عثمان نافع وهو صديق شخصي التوقف عن الحديث إلا أن الشيخ الترابي نادر ما يستفزه الحديث وقال لولا السودان لما وجدت في هذا المكان موجها حديثه لي شخصيا.وقال أننا في السودان جعلنا منك إنسانا. وقال نحمد الله أننا ساهمنا مع الشعب الإرتري حتى ولو كان على رأسهم طاغوت جديد اسمه أفورقي وقال لي يا ابني أنا أحرص منك على الشعب الإرتري ومن هذا الرئيس المجنون بعد تأزم النقاش وتمحوره حول العلاقات السودانية الإرترية. وطلب مني رئيس الجلسة مغادرة القاعة وهذه الحادثة عززت من علاقتي بمعسكر المعارضة السودانية وزادت من رصيدي في الحكومة الإرترية وقدموا لي استدعاء عاجل بعد 72 ساعة من المؤتمر الصحفي. وذهبت إلي اسمرا وأجريت حوارا مع إسياس أفورقي ونشرته في صحيفة الشرق القطرية تناولت تفاصيل العلاقات ورد فيها على الشيخ الترابي كما كانت لي لقاءات أخرى مع المعارضة السودانية واستمر التصعيد من الطرفين وكنت قد أجريت لقاء عاديا مع الرئيس البشير نشر في الشرق القطرية. بعد اللقاء الذي أجريته مع البشير تغير الكثير من المواقف التي كنت أحملها وأكثر شيء استفزني أن الرئيس إسياس أفورقي رفض أن يصافح الرئيس البشير وكان عمل قبيح استنكر الجميع وأقدم أفورقي بتلك الفعلة ليقطع الطريق أمام المساعي التي كان يبذلها ملس زيناوي لإصلاح العلاقة بين البشير وأفورقي ومع زيادة اهتمامي بالعلاقات مع الحكومة السودانية حدث طارئ جديد وهو المحاولة الفاشلة لاغتيال حسني مبارك وتزامن وجودي في أديس ابابا وانفردت بالتغطية وكانت الأخبار التي نشرتها من أديس أبابا هادئة ولكن الأخبار التي نشرت من القاهرة كانت حادة ضد الحكومة السودانية ولا يوجد شك أن الحادثة استغلت من الحكومة الإرترية والمعارضة السودانية وبعد شهرين من عملية الاغتيال تدهورت العلاقة الإثيوبية والسودانية وانتقلت إليها عدوة الاعتراك الإعلامي بين القاهرة والخرطوم إلى أديس أبابا.

وأنا بدوري قمت بتغطية وجهة النظر الإثيوبية في مقدمتها اللقاء الطويل مع عدد من المسئولين الإثيوبيين في مقدمتهم رئيس الوزراء ملس زيناوي ونشرت في صحيفة الشرق القطرية كان هناك لقاء أخر مهم في مجلة روز اليوسف بتاريخ 16/10/1995م وكان لقاء زيناوي هاما تتضمن انتقادا الجانب السوداني وكذلك الجانب المصري. واستمريت في التغطية الإعلامية لتداعيات الخلاف وقد انفردت بلقاء المتهمين الثلاثة في قضية محاولة اغتيال الرئيس مبارك. وتم نشرها حينها في الوسط اللندنية عام 1996م. وساهمت في نشر العديد من الحوارات الهادئة بين الخرطوم وأديس أبابا في يونيو من نفس العام. وأجريت لقاء هاما مع وزير الخارجية السودانية حينها على عثمان محمد طه نشر في مجلة الوسط اللندنية وكان لقاء مطولا ومهما أغضب الحكومة الإرترية، وبعض قادة المعارضة السودانية وهو اللقاء الذي أعطى الفرصة للحكومة السودانية لكي تدافع عن نفسها من الهجوم الإعلامي الذي كانت تواجهه. وتحسنت العلاقة عقب زيارة كل من الفاتح عروة وقطبي المهدي إلا أنها انتكست مباشرة عقب سقوط “ألكرمك” على يد المعارضة وشاءت الأقدار أن أكون من ضمن الصحفيين الذين زاروا ألكرمك وخلال عودتي من ألكرمك تم اعتقالنا من قبل السلطات الإثيوبية بعد تسريب للمعلومات أشاعوا فيها بأننا تابعين للجبهة الإسلامية واتهموا بعد الزملاء مبارك الفاضل بحكم جرد الحسابات مع معاوية يس ومعي شخصيا. وفي التغطية وقعنا في بعض الأخطاء عندما نشرنا الأخبار قبل أن نصل إلي العاصمة ونبتعد من منطقة العمليات. وتم نشرها عبر الهاتف من منطقة الحدث. وتم استقلال الأخبار التي كانت عناوينها مثيرة ومتضمنة أن مدينة الكرمك سقطت بالمدفعية والدبابة الإرترية. حيث انتهى بنا المطاف في سجن تحت شجرة المانجو في مدينة أصوصا في إحدى الحاميات العسكرية الإثيوبية .

ثم نقلنا بعدها إلي أديس أبابا إلا أن التفاصيل لم تنتهي إلي هذا الحد ولكن ما يهمني هنا أنني كنت التزم الحياد في نقلي لاخبار المعارضة السودانية وخاصة مسألة الكرمك. ووجدت الانتقادات من الحكومة الإرترية والمعارضة السودانية. وبعدها حدث نوع من التغيير من مواقفي وخاصة خلال الهجوم الذي تعرض له السودان من حدوده الشرقية حيث استنكرته.

*- كيف بدأت الاتصالات مع الخرطوم..؟

بعد نشر التحقيقات حول الكرمك كانت الحكومة السودانية مستعجلة في اتهاماتها الموجه ضد إثيوبيا لأن مدينة الكرمك تم إسقاطها بالتعاون مع الحكومة الإرترية. وكان أول لقاء لي مع الحكومة السودانية بالفاتح عروة في العام 1997م. ونشرت لقاء مطولا أجريته معه نشر في صحيفة الريبورتر الإثيوبية وتحدث فيه عن العلاقات بين البشير وزيناوي. وكشفت اتفاقهما لطي صفحة الماضي ونقلت في الحوار تأكيدات إثيوبيا على لسان الفاتح عروة بعدم السماح للمعارضة السودانية من انطلاق نشاطها عبر الأراضي الإثيوبية. وكشف الفاتح تعهدات إثيوبيا بسحب شكوتها لمعاقبة السودان في مجلس الأمن الدولي الذي كان حينها يهدد بفرض عقوبات على السودان. حيث نشرت حينها سحب أديس أبابا الشكوى التي تقدمت بها ضد السودان.  كما أوردت الاتفاق السري بوقف الحملات الإعلامية بينهما ووبدء الاتصالات بينهما لإعادة العلاقات. ثم كان لقاء الدكتور على الحاج في العام 1997م واتفقنا على فتح قنوات الاتصالات مع الشيخ الترابي وكان لقاء جمعني بقطبي المهدي وتطورت علاقتنا عندما تولى د. مصطفى عثمان حقيبة الخارجية حيث تطورت علاقتي الشخصية به. ومنها فتحت نافذة مع صديقي الصادق بخيت مستشار الرئيس للشئون الإعلامية وبعدها توسعت العلاقات وخلال زيارتي للسودان عام 1998م التقيت بالشيخ الترابي حيث قام بتكريمي ووجدت فرصة لنشر لقاءاتي به. كما كان لي لقاء مهما مع د. غازي صلاح الدين.

ومن ثم اتسعت دائرة العلاقات وتجاوزت الحدود الرسمية لتشمل المؤسسات الإعلامية المستقلة في السودان والرسمية وعلى هامش زيارتي سجلت العديد من الزيارات لرؤساء تحرير الصحف القومية وارتبطت بعلاقات خاصة بالرأي العام التي كانت نافذتي للقراء السودانيين. وساهمت فيها بتقديم الاستقراءات والتغطية الإعلامية للأحداث التي دارت بين الأعوام 1998-2002م . وشاركتني في تغطية الأخبار بالقرن الإفريقي عمارة صالح والتي من بعدها أصبحت مراسلة للصحيفة. وكما أنني تطرقت خلال اللقاء الذي أجرته معي صحيفة الرأي العام في 9/12/ 1998م إلي العديد من الملفات الساخنة على الساحة السودانية وتطورات الأحداث في دول القرن الإفريقي وتحدثت فيه بصراحة عن العلاقات الإرترية السودانية مذ فترة التحرير حتى مجئ النظام الحالي على سدة الحكم في إرتريا.

وتطرق الحوار إلي المعارضة السودانية وعلاقاتها بدول الجوار وتناولت فيه علاقة السودان بدول الجوار وعلاقاته الدولية حيث أجرى معي الحوار الأخ المرحوم أحمد باشري، حيث كان قد كتب في مقدمة الموضوع “يزور السودان هذه الأيام الأستاذ محمد طه توكل مدير مركز الخليج للخدمات الإعلامية بالقرن الإفريقي للمشاركة في تغطية جلسات مؤتمر اللاجئين الأفارقة الذي يستضيفه السودان. وبما أن الأستاذ محمد طه توكل له إسهاماته في التحليل والرأي العام متعديا إلي وسائل الإعلام العالمية تنتهز صحيفة الرأي العام فرصة وجوده لإجراء هذا الحوار لإلقاء الضوء على العلاقات السودانية الإثيوبية الإرترية ومستقبل العلاقات مع دول الجوار وإفريقيا وإلي مضابط الحوار وكان هذا الحوار قد أجرى بتاريخ 9/12/1998م.

*- بعدها كيف استمرت علاقتك بالسودان..؟

علاقتي أصبحت متميزة بالحكومة السودانية وأتيحت لي فرصة تغطية التحولات الكبيرة التي يشهدها السودان وانفتاحه على العالم الخارجي. ووجدت فرصة لنقل هذه التطورات حيث كان الامر بمثابة نقلة كبيرة لي كصحفي حيث أتيحت لي فرصة إجراء حوار مع عمر البشير وكانت ثلاث لقاءات أو أربعة في أقل من سنتين وكانت اللقاءات قوية لأن كل حوار كان يحمل الجديد في السياسة السودانية. وانفردت في تغطية الأشياء الجديدة حيث كانت تنشر في الصحف السودانية والإثيوبية والخليجية وخاصة كنت أقوم بتغطية أي زيارة يقوم بها البشير إلي دول القرن وخاصة إثيوبيا وجيبوتي.

بالإضافة إلي المؤتمرات التي يحضرها وتصريحاته الصحفية وأصبحت بعد ذلك علاقتي بالبشير متميزة. وبما أنني حاورت الكثير من الرؤساء إلا أنني لم أجد البساطة كما وجدتها في الرئيس البشير الذي تتمثل فيها الأصالة وبساطة المواطن السوداني الذي أحببته وعلاقتي به لم تنتهي، كما تنتهي بالعديد من الرؤساء بعد الحوار ودوماً أشعر بحرج شديد في المؤتمرات عندما يراني يتوقف ويسلم وهذه ميزة نادرة ليس في الرؤساء بل حتى في عناصر هامشية في عالمنا الثالث.

*- وماذا عن علاقتك ببقية المسئولين السودانيين..؟

**- بصفة عامة شهدت علاقتي تطورا وكان هذا نفسه مفاجئا لي حيث تطورت أكثر بالمؤتمر الوطني وكانت ممتازة وعلى رأسهم الشيخ الترابي وكان لي حوارات ولقاءات تمتد إلى ثلاثة لقاءات خلال أقل من السنة والنصف مع الترابي في تلك الفترة، وكان اعتقادا سائدا من لم يقابله تعتبر زيارته ناقصة، باعتبار أن حوارته كانت دسمة لما يحمله من أفكار كما أنه كان متحررا من القيود الدبلوماسية، ونشرت له العديد من اللقاءات في الصحف الخليجية والإثيوبية والسودانية. وفتحت عدد من الملفات امتدت في كل الاتجاهات حتى على المؤتمر الوطني نفسه واحدى الحوارات التي نشرتها كشفت فيها الخلاف بين القصر والمنشية في ديسمبر 1998م، والخلاف بين الشيخ حسن ونائبه على عثمان محمد طه، كما انفردت بنشر حوار تاريخي لغازي صلاح الدين والذي كشف حينها إقصاء الشيخ الترابي. وتابعت تطورات الخلافات ونشرت حينها حوارين للبشير والترابي كل على حدا تناول حقيقة الخلاف القائم والذي انتهي بإقصاء الشيخ الترابي وهذا ما جعلني حينها أن أنتقل إلي الخرطوم لمتابعة الأحداث بصورة اكبر في عامي 1999-2000م. وتغطيتي لتلك الأحداث رفعت من رصيدي الإعلامي في الإعلام العربي ولن أنسى فضل الكثيرين من الذين قاموا بمساعدتي وخاصة مكتب الإعلام الخارجي في الخرطوم وهو المسئول عن الصحفيين الأجانب. والمستشار الإعلامي للرئيس د. الصادق بخيت كما أن الفضل الأكبر كان يرجع للدكتور مصطفي إسماعيل الذي كان يوفر لي الجو الملائم وفيما بعد تطورت علاقتي وأصبحت من المقربين إليه، وكنت أتردد على مكتبه بصورة مستمرة.  وكان من الذين قدموا لي الدعم المعنوي والأدبي وتطورت العلاقات إلى علاقات أسرية وأصبحت ضمن المجتمع في الخرطوم بعد أن تزوجت من طالبات الأحفاد، وكان أول من قام بتهنئتي خلال الزواج من الزميلة عمارة صالح حمدي التي أخذت الشهرة من لقائها مع الرئيس السوداني البشير والشيخ الترابي . وكان دكتور مصطفى أكثر المهتمين بها والمشجعين لها وأقام لي مستشار الرئيس حفل في فندق هيلتون، وحفل أخر اقامه الدكتور إبراهيم دقش وحفل مماثل الأستاذ علي العتباني رئيس مجلس إدارة جريدة الرأي العام، وتصدرت التهاني التلفزيون القومي وولاية كسلا والصحف وكل هذه العوامل جعلتني أعشق كل ما هو سوداني وأتعلق به ومما جعلني أغضب كثيرا هو انني زرت السودان في وقت متأخر.

*- ما هي الأشياء التي تعلمتها من خلال علاقتك بالحكومة والمعارضة السودانية..؟

مهما اختلفت مع هذا أو ذاك على أن أحترم رأي الطرف الأخر وأن لا أفجر في الخصومة وأتمنى من الأنظمة والمعارضة ودول الجوار أن يتعلموا من الشعب السوداني التسامح والموضوعية في خلافاتهم.

*- وماذا استفدت من تغطية أخبار المعارضة..؟

كانت أحداث السودان تفرض نفسها على القارئ العربي اينما كان لذا كانت في تلك الفترة أخبار المعارضة تتصدر كل الصحف العربية وهذا ما جعلني أن أهتم كصحفي  بنقلها. وكانت تغطيتها منحصرة بيني وبين زميلي فتحي الضو بعد ان وجدنا الموافقة الرسمية من وزارة الإعلام الإرترية عام 1995م. وما زاد اهتمامي بها اننا كنا نقوم بمراسلة أكثر الصحف توزيعا في الخيلج بالرغم من وجود الصحفيين السودانيين الأخرين إلا أننا فرضنا مكانتا. وكانت بعض الصحف السودانية تنقل أخبار المعارضة من الصحف العربية عبر الإنترنت. وتعتبر الفترة بين عام 95-1997م سنوات الانتشار والصعود بالنسبة لي، لأن الأحداث هي التي كانت تسيرنا وأيضا تعتبر سنوات القفزة إلى الأمام لأنني ظهرت في الإعلام المرئي والمسموع والمقروء. وكذلك تداعيات محاولة اغتيال الرئيس مبارك تعتبر مهمة لأنها فتحت أمامي نوافذ إعلامية كثيرة وتحدثت في الكثير من القنوات الإعلامية .

كما أن مدينة “الكرمك” تعتبر محطة مهمة في حياتي وتظل أحداثها راسخة في ذهني لأنني عرفت اشياء من ضمنها أنه ليس في السياسة عدو دائم وأن الحروب شيء يؤلم، يفقد فيها الإنسان آديمته وهذه الأحداث غيرت في مسار تفكيري والتزمت الحياد وانتقدت سياسة الحكومة الإرترية علناً وهذه القرارات لم أندم عليها في حياتي ، وتعلمت من الاعتقال في “أصوصا” أشياء كثيرة ولو انها أتت لمصلحتي حيث تمت تبريئتي من اتهمامات العمالة لصالح إثيوبيا وإرتريا مما اكسبني المزيد من المصداقية وخاصة في الإعلام العربي وحصلت على شهادة خلو طرف من الاتهامات بالعمالة لصالح أسمرا وأديس والمعارضة السودانية التي ظلت تلاحقني ولكنهم فصلوا لي جلباب عمالة جديدة لصالح الجبهة الإسلامية وقطر ومصر. ولكن في السنوات الأخيرة طورتها الحكومة الإرترية ومنحتني رتب في العمالة لصالح السودان وإثيوبيا واليمن والغريب في الأمر حتى عناصر هامشية تروج ما يفبركه نظام أسمرا، وهذه الاتهامات سلاح أناس عاجزين ويعتبر سلاح ليس ذو مفعول أو سلاح غير صالح.

*- ماذا تعني مدينة الكرمك لنظام الجبهة الشعبية..؟

مدينة الكرمك تمثل تناقض وتخبط لسياسة نظام أسمرا في عام 1989م. شاركت الجبهة الشعبية في قتال مع الحكومة السودانية وساهمت في تحرير المدينة لصالح ثورة الإنقاذ وفي عام 1997م ساعدت الحركة الشعبية ضد ثورة الإنقاذ في المدينة نفسها. وفي صيف العبور عام 1992م شاركوا ونسقوا مع الحكومة السودانية لضرب الحركة الشعبية في الجنوب وفي عام 1996م شاركوا بطريقة مباشرة وغير مباشرة في الجنوب والشرق في دعم المعارضة المسلحة ضد حكومة الخرطوم. وهذا يكشف مدي سعي نظام اسمرا لتمزيق السودان وهو السجل السيء الذي غيبه من اتفاقية ميشاكوس ونيفاشا والتي حضرها كل رؤساء الدول إلا الرئيس الإرتري. كما سجل غياب من اتفاقية التجمع بالحكومة في القاهرة، ويبدو لي أن اسم النظام الإرتري لا يظهر إلا في المساوئ فقط.

*- كيف تنظر إلي اتفاق الحكومة والمعارضة الذي تم مؤخرا..؟

يعتبر ذلك إنجازا تاريخياً يحسد عليه أهل السودان وأنا سعيد للاتفاق الذي وضع حداً للخلافات السودانية وحسم الكثير عبر حوار السلام . وهذا الاتفاق له أثره الإقليمي ويعتبر بداية انفراج للنزاعات التي عانت منها المنطقة ونحمد الله أن أهلنا السودانيين قاموا بتقديم نموذج جديد في التعايش السلمي بين الأديان والاعراق المختلفة. وأخيراً اسدل الستار على أنظمة المراهقين التي حاولت أن تلعب في المنطقة أدوارا أكبر من حجمها وحاولت استقلال الخلافات السودانية السودانية، إلا أن التسامح والوعي السياسي في السودان فوت الفرصة على النظام الإرتري الذي يحلم أن يبني الإمبراطورية على أنقاض بقية الأمم. والشعب الإرتري الذي يتطلع إلي تحقيق الديمقراطية هو أول المستفيدين من تحقيق السلام في السودان .

إن السلام السوداني حقق أمنية كل مواطن إرتري وسوف يدافع عنه الشعب الإرتري كما أن التواصل سوف يستمر مع أهلنا السودانيين وسندافع عن السودان بكل ما أوتينا من قوة انطلاقا من قناعتنا الراسخة بأن السودان يمثل العمق الاستراتيجي لنا في إرتريا وهو خط الدفاع الأول لشعوب القرن الإفريقي.

*- ولكن لم تكمل الحديث يا توكل؟

**-  طبعاً أنا تعبت وما في شيء تبقى ولهذا أنا أشكرك على هذا الحوار وأقول لك بالصراحة بعد اتفاقية السلام، أنتهى الحوار ولكن أوعدك بان هناك ملفات عن علاقتي بإثيوبيا وبالصومال واليمن وبإيران سوف أنفض الغبار عنها، حتى المعارضة الإرترية لم أكشف عما أعرفه والخبايا التي تابعتها عن كثب ولكن سوف أكشف عنها عندما يمر عقد من الزمان وربما وليس بعيداً في جريدة (فرجت) في أسمرا. طبعاً أنتهز هذه المناسبة وأشيد بجهود موقع فرجت الذي أحمل له التقدير لما يقدموه من إسهامات لخدمة القضية الوطينة والشكر موصول للمواقع الإرترية التي تبث من أستراليا “عونا” و”النهضة” والتنسيق بينكم كان جيد في الشهور الماضية، بما أن فكرة الحوار جاءت بمبادرة من موقع فرجت وأنا بدوري أشكركم على هذه المبادرة.

 

*الحوارات في السطور*

كثيرة هي الحوارات والقاءات الذي أجراها الأخ توكل مع بعض المسئولين في الحكومة السودانية وقيادة المعارضة السودانية في الصحف السودانية والإثيوبية والخليجية وإليكم بعضاً منها بحسب ما توفر لدينا من الأرشيف.

* تحليل سياسي: إجواء سياسة مضطربة والأحزاب التقليدية تقترب من الهاوية كتبه محمد طه توكل .

* لقاء مع الصادق المهدي 31 مايو 1999.

تحليل أخباري: سباق محموم لتصالح الحكومة السودانية مع ريك مشار الذي نشر بتاريخ 10/9/1996.

نشر خطاب الصادق المهدي يوم 10/6/ 1996 في اجتماع هيئة القيادة في أسمرا أحدث ضجة كبيرة.

تغطية نشر إقرار إعلان المبادئ السوداني في أول اجتماع لهيئة القيادة في كمبالا، ونوقشت فيه المبادرتين المصرية والليبية ومبادرة الإيقاد، وشارك في الاجتماع وفد التجمع من الداخل وذلك بتاريخ 11- 12 1999 وعرضه نائب قائد قوات التحالف العميد عصام ميرغني واتفاقية نداء الوطن التي دفعت باتجاه الحل السياسي.

تغطية شاملة الاتفاقية نداء الوطن في 28/11/1999 ولقاء تاريخي مع السيد الصادق المهدي بحضور الزميلة الصحفية عمارة صالح التي قامت بتغطية شاملة لجريدة الرأي العام من جيبوتي وحوار أخر انفردت به للصحف الخليجية في 27/11/ 1999.

 حوار مع البشير في جيبوتي يوم 25/11/1999 عقب توقيع الاتفاقية.

حوار هام مع البشير كان الأول في أديس أبابا في 1/ مايو 1995 نشر في صحيفة الشرق القطرية وثم ثلاثة حوارات هامة في الخرطوم لصالح الخليج في ديسمبر 1998 وفي عام 2000 وفي عام 2001 وحوار أخر في أثناء أول زيارة له منذ عام 1995في أديس أبابا في 18/ نوفمبر 1999.

في تاريخ 26/8 1999 عودة العلاقات الدبلوماسية بين أديس والخرطوم وتم الاتفاق على تصدير البترول السوداني واستأنفت الخطوط الجوية السودانية رحلاتها بعد أربعة سنوات من التطبيع.

 حوار مع وزير الإعلام السوداني غازي صلاح الدين نشر في 22/7/1999 في صحف خليجية وإثيوبيا، ووجه فيه اتفاقات شديدة للرئيس الإرتري والأوغندي.

حوار هام مع الدكتور مصطفى عثمان نشر في 7 –7 – 1999.

أول زيارة علنية لوفد إثيوبي رفيع المستوى إلى الخرطوم. وشارك في الاحتفالات بعيد ثورة الإنقاذ وذلك في 29/6/1999.

حوار هام مع الشيخ الترابي نشر يوم 22/12/1998 نشر في الخليج.

حوار مع الدكتور مصطفى عثمان وزير خارجية السودان نشر في 24 /3/1999 في صحيفة الخليج.

حوار مع الدكتور مصطفى نشر في 11/1/1999. نشر في صحيفة ريبورتر الإثيوبية.

حوار مطول في صحيفة ريبورتر الإثيوبية يوم 28 /12/1998 نشر في الخليج.

1/ التجاني الطيب 1/10/1998.

2/ لقاء مع الأمين العام للتحالف مبارك الفاضل للخليج في 15/9/1998.

3/ حوار مع الصادق المهدي 16/9/1998 نشر في الصحيفة الناطقة بلسان الحزب الحاكم في إثيوبيا.

4/ حوار مع رياك مشار رئيس الولايات الجنوبية نشر في الخليج 15/8/1998.

5/ حوار مع د/ علي الحاج نائب الترابي نشر في الخليج بتاريخ 11/8/1998.

6/ حوار مع باقان أموم الرجل الثالث في الحركة الشعبية نشر في الخليج 4/8/ 1998.

7/ حوار مع نائب جون قرنق سلفاكير في 6/8/1998.

8/ حوار مع يوسف رئيس جبال النوبة في 6/8/1998 نشر في الخليج.

9/ حوار مع مالك عقار في 1/1/1997 نشر في الاتحاد.

10/ كشفت أول زيارة سرية لرئيس جهاز المخابرات السودانية قطبي المهدي نشر في الخليج 21/1/ 1998. وكشف نبأ اللقاء السر مع الصادق المهدي.

11/ لقاء مع د/ رياك مشار في 17/9/1998. نشر في صحيفة إفويتا الإثيوبية .

12/ لقاء مع د/ علي الحاج نشرته صحيفة أفويتا يوم 19/8/ 1998.

13/ تحليل أخباري.

14 باقان أموم حوار 5/8/1998.

15/ لقاء مع علي عثمان محمد طه وزير الخارجية سابقاً في 1/4/1992.

16/ لقاءا وحوار مع العميد عبد العزيز خالد قائد قوات التحالف في 26/5/1996 نشر في صحيفة الخرطوم.

17/ لقاء وحوار مع المرحوم الدكتور عمر نور الدائم في 30/10/1995 نشر في صحيفة الشرق القطرية.

18/ لقاء وحوار مع المرحوم الفريق فتحي أحمد علي في 28/8/1996 نشر في الخرطوم.

19/ لقاء وحوار مع الدكتور حسن الترابي في 22/2/1995 نشر في صحيفة الشرق القطرية.

صور وقصاصات للزميل توكل من خلال هذا الرابط

روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=8997

نشرت بواسطة في سبتمبر 7 2005 في صفحة حوارات. يمكنك متابعة اى ردود على هذه المداخلة من خلال RSS 2.0. باب التعليقات والاقتفاء مقفول

باب العليقات مقفول

الأخبار في صور

تسجيل الدخول
جميع الحقوق محفوظة لفرجت 2010