رحمك الله يــا أبــا محمود
(إنّــا لله وإنّــا إليه راجعون)
رحل عظيم من عظمــاء إرتريـا ليلة الخميس..رحل قبل أن يكمل لنــا قصّصه عن الإستعمــار وروايته (المغترب) والّتى إختفت مع الإجتيــاح الإسرائيلى للبنــان,فلربّمــا وقعت فى يد جندى إسرائيلى حــاقد أو عميل لبنــانى جنوبى ولربّمــا فى أيدى كبيرهم الجنرال شــارون لا ندرى ولكنّ الخبر اليقين حجبت عن القرّاء وعن محبّى إنتــاج الأستــاذ محمد سعيد نــاود.
رحل من الدنيا الفانية ورصيده فى الأدب والسياسة والتّأليف يزن قناطيرا من الذّهب ورصيده المــالى صفر فى صفر وهذا حــاله وحــال أسرته كمّــا عرفنــاهم رصيدهم الأكبر هو حبّهم لإرتريــا وليس غيره.
رحل قبل أن يكمل بواقى قصص الإستعمــار الإيطــالى والإنجليزى والإثيوبى, رحل قبل أن يكمل لنــا قصّة قريته (أمريت) الّتى أحبّهــا وأحبّته, رحل قبل أن يحكى لنــا تفـــاصيل المؤتمر التداولى للحركة فى بورتسودان عــام 1959 ثمّ رحلته من بورتسودان إلى تسنى ثمّ كرن ثم (أمريت) لتحضير أوراق مؤتمر الحركة وتفــاصيل المؤتمر الحركة نفسه فى أسمرا عــام 1060 فى جوّ الإرهــاب ذاك,وسيطرة الجنرال (تدلا عقبيت) وزبــانيته على كلّ مرفق ومفرق, رحل قبل أن يكمل لنــا قصّة المنــاضل الجسور( محى الدين على) وكلّ أفذاذ الحركة جميعهم…. قــصّ وكتب عن عواتى ولكن كنّــا نطمع أن نعرف منه كلّ مــا عرفه عن عواتى…. وفوق كلّ هذا وذاك رحل قبل أن نسمع منه ولو كلمة عن تجربة العيش فى إرتريــا المحرّرة وبالذات لصــاحب قلم وقلبِ عربى مثله.ولكنّه ترك علامــات وضّـاءة ومنــارات مرشدة لمــان أراد أن يبحرفى تـأريخ إرتريا, وموروثهــا الثقــافى.
كنت أود أن أشكره لفضل وحسنة , وهى إهداءه إلى خــالى الّذى كــان ســائقه الخــاص فى الخرطوم (1977) وأهــداهــا الخــال بدوره لى, أربعة كتب إعتبرتهــا قيّمة, ورسّخت فى ذهنى قيمة الرّجل.. وهى كتــاب( السير ج.ن.ك ترافاسكس) (إرتريـــا , مستعمرة فى مرحلة الإنتقــال) وكتــاب( ف.س. نــايدل التركيب السّكــانى فى إرتريا, العنــاصر والقبـــائل) وكتــابين عن إرتريا هــمــا عبــارة عن وثــائق الأمم المتّحدة عن إرتريا, فكــانت نعم المراجع وخير وسيلة لفهم القضيّة لى ولكثير من الشــباب فى المدينة, وصرت أميل إلى تنظيم قوات التحرير الشعبية بسبب تلك الكتب ووجود إثنين من أخوالى فيهــا أحدهم ســائقه,ولأنى كنت حديث العهد بالهم الوطنى,بدأت أترنّح فى ميولاتى التنظيمية فى مدينة القضــارف السودانية,ولكن الحضور الجبهجى وقوة منطق كوادرهــا وثقلهــا السيــاسيى والإجتمــاعى لم يتركــا لى متسعــا من الخيــارات فصرت جبهجيا بالقنــاعة….. ولكن حين رأيته فى القضـــارف ولأول مرّة.. حين جــــاء للتعزية فى فقيد الشرق, وسند كلّ أبنــاء الشرق السودانى وإرتريا والذى وافته المنيّة فى مدينته القضــارف المرحوم عثمــان المصرى…الّذى كـــان رفيق دربه إبّــان الكفــاح من أجل إستقلال السّودان, و إبّــان تـأسيس مؤتمر البجا الحقيقى الأصلى…..هممتُ و تقدمت فى فراش العزاء لأشكره على الكتب… ولكن الرّهبة والقوم الذين أحــاطو به أعجزنى فعدلت عن الفكرة , ولكنّى شكرته بقلبى ودعوت له أن يجزيه الله خيرا ويجعلهــا فى ميزان حسنـــاته, وهــا أنــا أدعو الله له أن يغفر له ويرحمه ويدخله فسيح جنّــاته مع الشهداء والصديقين الأبرار…. أعزى فى هذا المقــام إبنه محمود(أبو حنفى) فى دمشق.. الذى حمل راية الوالد ورســالته فكـــان خير عون ونعم السند ومـــا مجهوداته فى موقع نـــاود للكتب إلاّ خير دليل, وأعزّى أم محمود وأبنــاء المرحوم وكل أقــارب المنــاضل محمّد سعيد نــاود فى إرتريــا والسّودان وكلّ زملاءه زرفــاقه فى درب الكفـــاح.
وإنّــا لله وإنّـا إليه راجعون
عبد الفتّــاح ود الخليفة
بورتن- المملكة المتّحدة
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9300
أحدث النعليقات