الفن الأرتري بين الكناية والإستعارة
كتبه/ محمد حسان
الأغنية ،أوـ القصيدة المغناة تعتبر من الأجناس الأدبيه التي لها القدرة علي التعبير عن الواقع الفردي والإجتماعي ، خصوصا في مجتمع تنحصر فيه الكتابه و يسوده ويتجذر فيه التراث الشفهي .
وعتمادا علي الخط الفاصل الذي رسمه (رومان ياكبسون) بين الكناية والإستعارة ، سنحاول تلمس ملامح التعبير كما أنعكس علي مرايا الأغنية الارترية .
قبل ذالك تجدر الإشارة الي توضيح الفرق بين الكناية والإستعارة ن فالكناية(منها يستقي كل مجاز أو كنية) تعتمد علي وحدة المجال بين شقي الصياغة البلاغية .
مثلا إذا كنينا رجلا (بأبو حميد) كانت هذه إشارة إلي علاقة عضوية محسوسة بين الرجل وابنه حميد .
ومن هنا فإن الحديث عن العلاقة الكنائيه بين النص والواقع ينطوي علي إفتراض أن النص جزء من الواقع،إنعكاس له وتصوير لبعض جوانبه .
يقول الاستاذ(ابراهيم كًََُورت(gorat في إغنيته المشهورة((حُولْ) :
ولَّأ صاراد ْ سِكابْ شانَتْ يَأرْئييني
فهو هنا ذكر الكل وهو يشير الي الجزء، (فسكاب) الكُلْ حرمه من رؤسة (شَانَّتْ) في (حلم)الجزء .
أما عندما نتحدث عن علاقة إستعاريه ، كان إختلاف المجال ضرورياً لإحداث التأثير ، وكلما إتسعت الفجوة ، وتعددت أساليب التشابه والإختلاف ذا\ت فعالية الإستعارة .
وعندما نتحدث عن علاقه إستعاريه بين النص والواقع فإننا نشير إلي علاقه بين مجالين نوعيين ، يدرك كل منهما أهمية الإختلاف ويبرز إستقلالية كل عن آخر .
مثلاً : أغنية (مرحبا) للأستاذ (إدريس محمد علي) :
تقدم الأغنيه في حالة اللاوعي نقداَ ينهض علي درجة عالية من الإنفصال بين طرفي الإستعارة ، وكلما ذادت درجة التباين بينهما برزت وتبلورت عملية الجدل المستمر بين المتلقين كلٍ حسب ثقافته والجهة التي ينظر منها للنص .
تُصوَّر الإغنية في شكل قيم إجتماعية تدور حول عادات(قبائل التجري) ترتبط بمراسم الزواج من أجل إثبات فحولة مثواها لغة التجري وليس عادات الزواج الفعلية ن فالطقوس التي تمارس في الأغنيه هي طقوس رمزيه تحاول أن تُخفي إيهاماً بعفويه ــ مايوحي به النص.
سنحاول هنا إكتشاف بني وأنساق لم تكن مرئيه من خلال القصدية المباشرة (للأغنيه ) والتي يدرك من خلالها المتلقي العادي النص علي شكل شخصيات ،أحداث ، تراث .علي عكس التَّلقي المبدع الذي يسعي دايما لبناء عوالم دلالية ام تكن ملرئيه أبدا مع بداية التحليل .
المستوي الصويري السطحي (القصديه المباشرة):
شخصيات أحداث ثراث
أبوهو ، أبعبو ، عمتو أبشر بولو ، حبر نتكللو سيف مهاوي ، سوميت ،تكت
مرعات ، ماداي . إسُّوميا دكًَْدكَا ،هبا ،صنبلا عشل ، حرير ، صِمْبِِلْ .
علال وديت ، مسل علليا
علالن وقلا ،كبروهن ظبطيا .
هذه وجهة نظر تظل دائما نسبيه ولا تدعي إمتلاك الحقيقة المطلقة ، قراءة نص إنتاج لمعرفة من خلال فعل واعي تسنده فرضيه سابقه تتمثل في التراث الغنائي لإدريس محمد علي المتخم بالنقد السياسي:
ــ أجنيتكم تأبلعو منا طعما وحفصا وأجنيتا شهدا إب عرقِّب كلَسا
ــ اليدمقراطيه مهما غيبوها مصير بلدنا
ــ ………….الخ .
وقبل الحديث عن قراءة النص(الأغنية) تجدر الإشارة الي مقولة ترجع لأدريس نفسه : الشعب الأرتري لا يستمع .!
فما الذي كان يريد أن يقول لنا ؟ هذا ما سيكشف عنه التحليل من خلال التنقيبفي وقائع النص وجزيئاته وإشاراته العابرة عن العناصر التي تتجسد منها القصدية الجديده لنص دائم التجدد قابل لقراءات أخري:ـ
النص القصدية المباشرة القصدية الجديدة
مرعاوي /بعل سيف مهاوي العريس الرئيس الحاكم المسيطر بقوة
السلاح
أبوهو وأبعبو والد العريس/ جدّهُ تشبيه النظام بنظم الإستعمار
الأثيوبي(منقستو، هيلي سلاسي)
سيف ديبا مركبو،سوميت
ديبا سكَادو تيمنا بتواصل الأفراح إحتكار السلطة إعتمادا علي التسلط
مرعات إب عشلا العروس أرتريا
وهكذا ودون توقف سيصحبك التشابه بين الواقع والنص اي لآخر الأغنيه ،علي العموم وكما أسلفنا فإن الفن والأدب يحتاج دائما إلي قراءات متعدده وفقا لوجهة النظر التي يتبناها هذا المتلقي أو ذاك.
ولكن تبقي الإستعارة حصن الأعمال الفنيه التي تنتج في ظل سلطات الكبت والقهر ومكمن جمالها هو شحذها همة المتلقي يننشيط الذاكرات وملئ البياضات ، ومن منا ينسي أغنية (فاطنه زهره) للأستاذ( الأمين عبد اللطيف):
ولت كرن وأسمرا
رئييكوما من كَبئ إت ْمايْ زرا
سلام بولا إكَِليي فاطنا زهرا .
وعلي عكس الإستعارة ،فإن الكنايه هي ملاذ الفنون المنسجمة مع الواقع التي تميل الي التماس معه إن لم نقل التماهي ويمكن أن نمثل ذالك بأغنية الأستاذ موسي صالح:
قاطان ريام حبر كيزران
حلفتني مالي أسك ميدان
أتهاجكيني بيلكوا وتكَسيكو اسرا
يِإِتكسيي تيلني أيك عجي ايي تحررا .
في هذا المقام أري ان كتاب (الأمير) لميكافيلي يبقي المثال الصارخ للتحايل علي فضح ممارسات القمع والإستبداد من خلال الفنون بمختلف أشكالها ، فهو ماكان يتسني له أن ينتقد ممارسات البطش والتسلط لو لم يقدم ما يجري في شكل نصيحة للأمير.
وبغض النظر عن إختلافنا مع البناء الفكري للقصيدة(الأغنيه) إلا إننا لا نملك إلا أن نقف لجمال صياغتها فلا عجب أنها محظية الشعب.
قد نقع في مزالق السطحيه حسب أي مفهوم إذدرائي تبسيطي ولكننا نتسائل ببلاهه:طالما حول الفن الانسان ضد نفسه وضد قضيته لصالح من يتم تهميشه أو تحييده في مسيرة المخاض الثاني ؟
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9677
أحدث النعليقات