وقفة مع قرارات الملتقى 2
بقلم / محمد عمر مسلم
تابعت في الفضائية الارترية، برنامج ( زاقير ) توزع فيه الشهادات والجوائز على المتفوقين من الطلبة في حضور رأس النظام، ما لفت نظري أن أكثر 95% ممن نالوا الشهادات والجوائز هم من قومية التجرنيا، وكانت أجواء الحفل حضورا وشكلا ومضمونا وثقافة ولغة تجرنيا في تجر نيا،،، والرسالة واضحة فلهم ميادين العلم والمعرفة والسلطة والثروة، ولبقية القوميات ميادين الصخرة والخدمة والتشرد والسجن ( فأكثر من 85% في السجون هم من المسلمين وفق قوائم موثقة) .
أرسل لي أحد الأخوة معلومات قيمة فله الشكر والتقدير على ذلك، منها ما يتعلق بتفعيل حق تقرير المصير في الشأن الإثيوبي حيث قال يتطلب التفعيل موافقة ثلثي المجلس التشريعي للولاية، وليس مجلس نواب الاتحاد ( مجلس الولايات ) كما جاء في مقالي السابق، أيضا ذكر الأخ أن التقسيم القومي في إرتريا من اختراع أفوارقي ، وهو خلاف المفهوم القومي الذي حددته المعارف العلمية، وله في ذلك مآرب أخطرها تمزيق صف المسلمين إلى قبائل وعشائر متناحرة ( سياسة فرق تسد ) بينما تبقى التجرنيا موحدة، أيضا أشار الأخ الكريم إلى الآثار الخطيرة لإقصاء اللغة العربية التي مثلت منذ مئات السنين لغة التواصل والتعليم بين المسلمين، ووعاء حافظا وناقلا لإرثهم الثقافي والحضاري، وجسرا للتواصل يربطهم بمحيطهم الإسلامي والعربي، فكان مشروع تطوير اللهجات والقوميات من اختراع الزمرة الطائفية التي تمثل عمود النظام، لتجهيل المسلمين وقطع حبال التواصل فيما بينهم أولا، وبين محيطهم الإسلامي والعربي ثانيا، إضافة إلى طمس تأريخ ثقافة وحضارة المسلمين في إرتريا بتهميش وعائها الحافظ والناقل لها من جيل إلى جيل، وربط اللغة العربية بقبيلة الرشا يدة دليل أخر على الكيد والمكر بالمسلمين ولغتهم العربية في إرتريا.
عودة إلى كيفية تفعيل حق تقرير المصير للقوميات حتى الانفصال في إثيوبيا،،، أولا اخترت النموذج الإثيوبي لأنه أقرب إلينا وقد نتأثر به، ثانيا لأبرهن على صعوبة تفعيل حق تقرير المصير حتى الانفصال في إطار الوحدة السياسية يقول الدكتور/ فلاح إسماعيل حا جم ( أما الدستور الإثيوبي لعام 1994 فقد نص صراحة في الفقرة 4 من مادته التاسعة والثلاثين على حق المجموعات الاثنية (القوميات والشعوب والطوائف) في تقرير مصيرها ، بما في ذلك حق الانفصال وتكوين الدول المستقلة ، لكنه وضع آليات يبدو معها تفعيل ذلك الحق آمرا بالغ الصعوبة. فعلى المكوّن الإثني الراغب بتفعيل حقه بتقرير المصير (بأي شكل كان) تقديم طلب موقع من ثلثي أعضاء الجهاز التشريعي للولاية، فيما تقوم الحكومة المركزية بعد ثلاثة سنوات من تقديم الطلب بتنظيم استفتاء لسكان تلك الولاية ويكون الاستفتاء ناجحا إذا صوتت إلى جانبه الأغلبية المطلقة من الناخبين. وفي جميع الأحوال فان قرار الاستفتاء يعتبر ساريا في حال مصادقة المجلس الأعلى في البرلمان الإثيوبي (مجلس الولايات) ) ما يعني أن مفتاح التفعيل عمليا داخل الوحدة السياسية الإثيوبية بيد مجلس النواب، وليس بيد المجلس التشريعي للولاية، والدليل أن المجلس التشريعي لشعب أجادين صوت قبل 15 عاما لتفعيل حقه في الانفصال ، بينما مجلس نواب الاتحاد لم يصادق بعد على قرار الاستفتاء.
أكد الملتقى ( على أن وحدة الشعب الإرتري وحدة اختيارية طوعية تحترم التعدد الثقافي والقومي والديني، وتضمن حقوق كل المكونات الاجتماعية لشعبنا وأكد على ضرورة تقوية واحترام التنوع الاجتماعي ) الوحدة بهذا المفهوم تحترم الإنسان وتحفظ كرامته، فمن تكريم الإنسان أن يمارس حق الإرادة والاختيار تجاه شؤونه كلها ومنها القضايا التي تمس مسيرة حياته، بهذا المفهوم العدلي للوحدة، نكون قد أسقطنا وحدة القهر والصهر والتذويب والإقصاء ومصادرة الحقوق، ولكي نجعل الوحدة خيارا شعبيا، لابد من وضع الأسس والمبادئ والضمانات التي تجعل منها جذابة للجميع، من تلك الأسس والمبادئ الاعتراف بالثنائية واحترام مخرجاتها في المجتمع الإرتري، الضمان الدستوري والقانوني لنيل وحماية الحقوق العامة والخاصة لمكونات الشعب، اختيار نظام حكم يحظى بضمان دستوري لتنظيم الحياة السياسية والقانونية والإدارية في الدولة ومعالجة قضايا السلطة والثروة والحكم معالجة عادلة، ويتيح مساحة واسعة لمكونات المجتمع لإدارة شؤونها في أقاليمها في ظل سيادة الدولة ووحدة البلاد أرضا وشعبا.
من قرارات الملتقى الاعتراف بالمظالم ( إن النظام الديكتاتوري في إرتريا ومنذ وصوله إلى السلطة في عام 1991م مارس بدرجات متفاوتة الاضطهاد على الأديان والمعتقدات، وأكد الملتقى على وجود هذه المظالم خاصة تجاه المسلمين، مؤكداً على ضمان الحقوق الدينية وحرية المعتقد ) ظلت قضية المظالم محل جدل مع جلائها، فهناك من ساوى المكونات في المظالم، وهناك من قال ما حل بالمسيحيين يفوق ما حل بالمسلمين مكابرة واستخفافا بذاكرة الشعب، ولكن الملتقى كان له قرار عدل لم يغالي ولم يجافي في مسألة المظالم، وهذا شان من يستشعر الأمانة والمسؤولية التاريخية تجاه شعبه، ويتخذ من الصدق نهجا والعدل والإنصاف مقصدا والاعتراف بتلك المظالم كما هي في واقع الحال دليل على الجدية والإخلاص للوصول بهذا الشعب إلى بر الأمان، لأن إنكار المظالم أو تجاهلها سيحفز من وقع عليه الظلم للثأر والانتقام ممن ظلمة وأخذ حقه ما يعني الانغلاق في دوامة العنف، قضية المظالم قضية حساسة يجب التعاطي معها بموضوعية ومسؤولية عند تناولنا لها، إذا كنا حريصين على معالجة ما أفسده النظام الدكتاتوري.
أكد الملتقى (على أن الأرض ملك للشعب، وأن تعود كل الأراضي والملاحات والأملاك الخاصة التي انتزعها النظام الديكتاتوري إلى أصحابها الأصليين بقرار تنفيذي وإجراءات قانونية ) جغرافية إرتريا المختلفة يتقاسمها الشعب، حيث ارتبط كل قسم من الشعب بجزء منها فصار يملكه وينسب إليه، وهذا التوزيع والتملك جاء في سياق تأريخي تطور وترسخ مع الوقت في ذاكرة الشعب، فلو استثنينا المكونات النيلية نجد المكونات الأخرى القادمة عبر موجات من الهجرة إلى إرتريا قد استوطنت وتملكت ما يليها من جغرافية إرتريا، فمن استوطن المنخفضات صارت له ملكا ومستقرا، ومن استوطن المرتفعات صارت له ملكا ومستقرا، كذلك الحال لمن استوطن جهة السواحل المطلة على البحر الأحمر، صارت له ملكا ومستقرا، هذا الوضع الذي تشكل عبر حقب تاريخية مرت بها إرتريا، كان من أهم عوامل الاستقرار والسلم الاجتماعي بين مكونات المجتمع، حيث عرف كل طرف للآخر حق التملك للجزء الذي استوطنه عبر أجيال متعاقبة، دون أن يكون ذلك عائقا أمام التنقل والتواصل الطبيعي بين مكونات المجتمع داخل الوحدة الجغرافية للدولة، فالتداخل والتمازج بين المكونات عندما يأتي في سياقه الطبيعي يمثل عامل استقرار ونماء، وعندما يأتي في سياق الإحلال والتوطين والمصادرة بالقوة على حساب مكونات أخرى، يكون خطرا يتهدد الأمن والسلم الاجتماعي في البلاد.، فما أحدثه النظام من تغيرات ديمغرافية يجب حلها وفق المبدأ النفيس الأرض ملك للشعب، وتملك المكونات ما استوطن أجيالها المتعاقبة من جغرافية إرتريا، وكل عام وأنتم بخير,,,,
روابط قصيرة: https://www.farajat.net/ar/?p=9831
أحدث النعليقات